للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى كون المأمور مغبونًا. لكنّه قد يعتذَر عنه بأنّه لم يُرِدْ الكلام على حكم الغبن، وإنّما أراد أنّ ذلك يلزم المأمور، وأن يكون اشترى وهو عارف بالقيمة.

واختلف أصحابنا أيضًا في تقدير الغبن الموجب للخيار عند من رأى ذلك من أصحابنا. فقيل: هو محدود بالثلث فأكثر. وقيل: لا حدّ له، والمعتبر فيه العوائد بين التّجّار، فما علم أنّه من التّغابن الّذي يكثر بينهم ويتكرّر وتختلف فيه اَراؤههم فإنّه لا مقال فيه للمغبون باتّفاق. وما خرج عما اعتادوه من ذلك، فإنّ للمغبون الخيار.

وأمّا من حدّه بالثّلث، فإنّه مضى على ما تقتضيه شواهد الأصول الّتي حدّ فيها الكثير الثّلث. وقد قال عليه السلام: "الثلث، والثلث كثير" (١).

وأمّا من أحاله على العادة، فإنّه يقول: ما لم يرد الشّرع فيه بتحديد فإنّه يرجع فيه إلى مقتضى العوائد.

وقد اختلف عندنا في الثّلث في المسائل اتتي وقع فيها التّحديد، هل هو كثير أوقليل، على ما سنبيّنه إن شاء الله تعالى في موضعه.

وينبغي أن تعلم أنّ الخلاف في هذا لا يقع في الغبن علي الإطلاق، وإنّما هو مقيّد بأن يكون المغبون لم يستسلم لمن باع منه، ولا هو أيضًا من أهل المعرفة وبقيمة ما اشتراه، وإنما وقع في الغبن غلطأوهو يعتقد أنّه لم يغلط.

وأمّا إن علم القيمة فزاد عليها، فإنّه يقدّر كالواهب إن فعل ذلك لغرض له فيه.

وكذلك إن استسلم البائع وأخبره أنّه غير عارف بالقيمة، فذكر له البائع ما أغراه به، مثل أن يقول: أعطيت فيها كذا، أو قيمتها كذا، أو سمّى الّذي باعها به منه، فإنّ هذا ممنوع منه باتّفاق.


(١) جزء من حديث متفق عليه. عن سعد ابن أبي وقاص، أوله: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعدني في عام حجّة الوداع ...

<<  <  ج: ص:  >  >>