وأمَّا سبب الخلاف بين مالك والشافعي فإنه يلتفت فيه إلى تغليب أحد الضررين. فالبائع يلحقه الضرر إذا رد عليه ما باعه وقد تغيَّر، وعوض النقص ليس هو عين النقص، فكأن المردود ليس بعين ما باع. وكذلك المشتري يلحقه الضرر إذا أمسك المعيب وغرم (١) عوض النقص لأنَّه لم يدخل على ذلك. فإذا تقابل الضرران، رُجِّحَ أحدهما على الآخر.
فرجَّح مالك جنبة المشتري بما قدَّمناه من كون البائع متعمدًا للتدليس أو مفرطًا في ترك الكشف عن العيب، فكان أولى بأن يحمل عليه فترد سلعته إليه.
ورأى الشافعي وأبو حنيفة أن البائع يريد استدامة العقد، والمشتري إذا أراد الرد فقد أراد فسخه، واستصحاب انعقاد البيع أولى من إحداث حكم آخر، وهو فسخه، ألا ترى أنَّ العنين إذا ضرب له الأجل فقال: وطئت. وقالت المرأة: لم يطأ، فإن مالكًا لا يصدقها, لمَّا كانت تحاول فسخ العقد والزوج يحاول استدامته.
وأجيب عن هذا التشبيه بأنَّ الزوج إذا قال: وطئت، فإنَّه لم يسلم العيب الذي ترد به المرأة النكاح. ومسئلتنا في عيب اتفق عليه المتبايعان. ألا ترى أنَّ الزوج إذا طلق وقال: كنت ارتجعت، فإنه لا يصدق، وإن كان يدعي ما يستديم العقد، لمَّا كان الطلاق وانقضاء العدَّة قد ثبت، وهو يحاول رفع ما ثبت من ذلك.
وأمَّا حديث المصراة، فإنَّ المخالف يقول فيه: ما فعله المشتري إنَّما هو استعلام العيب. والحادث المفتقر إليه في استعلام العيب لا يؤثر بخلاف ما حدث مما لاتعلَّق له بالكشف عن العيب.
والجواب عن السؤال الخامس أن يقال: إذا حاول المشتري الذي حدث عنده عيب رد المبيع لعيب قديم، فلا قدرة للبائع أن يصده عن ذلك. وإن حاول