ولادتها. فلم يعتبر كون الولد كعضو منها استحقَّ البائع عليه رده بعينه، فإذا أتلفه، كانت عليه قيمته، بل راعى ما يكون من النقص من ناحية ما يرجو من ولادتها. وأشار أيضًا إلى إجرائه على الخلاف في السمن، وقد تقدَّم ذكرنا الخلاف فيه لمَّا كان السمن غير متفصل من الأمة، والولد كأنَّه غير منفصل منها لمَّا لم تَجز التفرقة بينهما.
وهذا الولد لو مات وبقيت أمه، لكان الحكم تخيير المشتري في رد أمه وما نقصها النكاح، أو التمسك وأخذ قيمة العيب، ويقدر الولد كأنَّه لم يخلق.
وهذا أيضًا قد يقال فيه إذا قدَّرتموه كعضو من أعضائها وجزء منها, ولهذا أوجبتم رده بعينه على البائع. فإذا مات وهو في يد المشتري، اقتضى ذلك أيضًا أن يرد قيمته كما يرد قيمة يدها لو شلَّت عنده. قيل: اليد إذا شلت عنده، وجب رد قيمتها إذا اختار الرد لأنَّ لها حصَّة من أصل الثمن. فلو ماتت الأم خاصَّة وبقي الولد وحده، فالظاهر أنَّ المذهب على قولين: مذهب ابن القاسم أنَّ الواجب قيمة العيب، ومذهب أشهب أنَّ البائع مخيَّر بين أن يعطي قيمة العيب أو يمنع من ذلك، ويخيَّر المشتري بين أن يتمسَّك بالولد ولا يسترد من الثمن شيئًا، أو يرد عليه الولد ويرد البائع جميع الثمن.
فكأن ابن القاسم قدَّر أنَّ الولد في حكم التبع وكجزء منها، فإذا ذهب المتبوع وهو الأم، صار التابع وهو الولد في حكم الذاهب أيضًا، ووجوده كلا وجود، ولو ماتا جميعًا، لكان الحكم أخذ قيمة العيب. وكذلك إذا ماتت الأم وقدَّرنا أنَّ الولد الباقي كالميت بحكم كونه تبعًا لأمه.
وكأنَّ أشهب قدَّر أنَّه كمبيع ذهب بعض أجزائه عند المشتري وبقيت منه أجزاء، فتكون الأجزاء الباقية إذا رضي البائع بها، يأخذها على أن يغرم المشتري قيمة ما ذهب عنده، كان ذلك من حقه إلا أن يشاء المشتري التمسك بها, ولا يرد عمَّا قلناه من كون المذهب المشهور أنَّ البائع إذا أسقط عن المشتري غرامة ما ذهب عنده، صار المبيع كأئَّه لم يذهب عند المشتري منه