للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيء، فإنَّما يكون له أن يقبل بجميع الثمن أو يرد ويأخذ جميع الثمن. وقد كنَّا حكينا عن عيسى أنَّه لم يمكن البائع من هذا، وأبقى المشتري على خياره في أن يأخذ قيمة العيب. فإن قيل: فإلكم ذكرتم عن أشهب أنَّه يرى بتمكين البائع من أن يؤدي قيمة العيب، فإن لم يفعل مُكن إذًا من ارتجاع الولد وردَّ جميع الثمن، إلَاّ أن يرضى المشتري بالتمسك.

والحكم في عيب حدث عند المشتري أن يكون هو المبدَّأ بالتخيير، ولا يبدأ البائع بأن يعطي قيمة العيب. وفي مسألة الولد بدأ أشهب بتخيير البائع.

قيل: إنَّ الفوت ربَّما كان في حق البائع والمشتري إذا لم يمكن رد العين، كمن اشترى أمة فاطَّلع على عيب بها بعد موتها، فليس إلَاّ قيمة العيب. وقد يكون الفوت في حقِّ المشتري خاصَّة، كمن اشترى أمة فشلت يدها عنده، فيكون المشتري مخيرًا بين أن يقدرها كالفائتة ويأخذ قيمة العيب، أو يقدرها كمن لم تفت فيردها ويرد معها ما نقص العيب الحادث عنده على ما سننبه عليه بعد هذا. فيمكن أن يكون أشهب قدَّر هذا كالفوت في حقَّ البائع خاصَّة.

وقد ذهب بعض المتأخرين إلى أنَّ ابن القاسم غير مخالف لأشهب في هذه المسألة. واعتقد هذا لأجل أنَّه قد أورد في المدونة في باب بعد هذه المسألة، فقال: يأخذ المشتري قيمة العيب إلَاّ أن يشاء البائع أن يسترد الولد خاصَّة ويرد جميع الثمن، فيعود التخيير للمشتري في أن يقبل منه هذا، أو يتمسك بالولد ولا مطالبة له بقيمة العيب. فقدَّر هذا أن الجواب الأوَّل وقع مطلقًا ووقع بعد ذلك مقيدًا، فيجب رد المطلق إلى المقيد.

وأنكر غيره من المتأخرين هذا الإعتقاد، وقال: قد قال سحنون عقيب هذا: هذا مذهب أشهب. وهذا ينفي إضافة هذا المذهب لابن القاسم.

وأجاب غيره عن هذا بأنَّ المراد بقوله: هذا مذهب أشهب. أي إنَّ هذا الذي قاله ابن القاسم مثل مذهب أشهب. ولو بيعت الأم دون الولد لجرى الأم فيها على هذا الذي ذكرناه من اختلاف ابن القاسم وأشهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>