حصول الثمن موفرًا في يد المشتري الأوَّل، لأنَّه يقول: إنَّ ما حصل في يدي مثل ما دفعت للبائع لأجل معرفتي بالتجارة وبالأسواق وبزيادتها وجهل الذي باع مني بذلك. فلا يحسب له هذه الزيادة، وسببها لم يكن منه، بل إنَّما كان مني.
فهذا يقتضي كون البيع فوتًا يوجب قيمة العيب. وإذا وضح مأخذ مذهب ابن القاسم وهو كون المشثري الذي باع هذا المبيع لم يلحقه ضرر من جهة العيب، فيقال على هذا التعليل: إنَّه متى لحقه الضرر، كان له القيام بالعيب، مثل أن يفوت المبيع عند المشتري الثاني فيرجع على المشتري الأوَّل بقيمة العيب، فيصير المشتري الأوَّل قد لحقه الضرر من ناحية العيب، فيكون له أن يطالب البائع بما غرم له, لأنَّه إذا طالبه بما غرم، ارتفع الضرر عنه. إلَاّ أن يكون قيمة العيب من الثمن الذي اشترى به الأوَّل أقل مقدارًا من هذا الذي أخذه المشتري الثاني من المشتري الأوَّل، فيكون من حق البائع أن يغرم له هذا, ولا يلزم أن يعطيه ما غرم هو، لأنَّه قد يكون حال السوق بزيادة أو غبن المشتري منه.
فكانت قيمة العيب من الثمن الثاني أكثر من قيمة العيب من الثمن الأوَّل. قال ابن الموّاز إلَاّ أن يكون إكمال الثمن أقل من هذين فلا يلزم البائع إلَاّ إكمال الثمن؛ لأنَّه إذا أكمله سقط مقال المشتري لأرتفاع الضرر عنه لأجل العيب. وإن الثمن لو عاد إليه كما دفعه، لم يبخسه العيب شيئًا. فلهذا قلنا: إن البائع عليه الأقل من ثلاثة أشياء. إمَّا ما غرمه المشتري منه، أو قيمة العيب من الثمن الذي قبض، أو ما بقي على المشتري من خسارة من الذي دفع البائع.
وقد أشار بعض أشياخي إلى أنَّ هذا التخيير بين هذه الوجوه الثلاثة هو مذهب ابن القاسم. وأشار غيره إلى أنَّ ذلك إنَّما يستقيم على مذهب أشهب الذي قدَّمناه عنه. واحتجَّ هذا المتأوَّل بما وقع في العتبيَّه لابن القاسم فيمن اشترى عبدًا به عيب فباعه ثمَّ علم بالعيب وقد حدث عند المشتري عيب اختار أن يغرم البائع منه وهو المشتري الأوَّل قية العيب، أنَّ هذا المشتري الأوَّل إذا غرم للمشتري الآخر قيمة العيب رجع هذا الأوسط على الأوَّل بقيمة العيب.
فلم يلتفت إلى ما كان بين الأوسط والآخر. وهو أيضًا لا يعتبر تغير الأسواق في