للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالعيب، فإنَّما ذلك لكون رد المبيع المعيب لا يمكنه، فإذا أمكنه ذلك، سقط الحكم لكونه معلقًا بشرط وعلَّة، فإذا زال ذلك، زال الحكم. وقد قال في المدونة: لا يمكن من خصام من باع منه، فإن اشتراه فله الرد. وقد يقتضي هذا أنَّ له الرد، وإن اشتراه عالمًا بالعيب مع كونه لما اشتراه عالمًا بالعيب مسقطًا لحقه في القيام به على هذا الذي اشتراه غير عالم بالعيب.

ولو كان هذا المبيع المعيب باعه من اشتراه فتداولته الأملاك فاشتراه مشتريه الأوَّل من مشتريه الآخر، فقد ذكر في المدوَّنة أنَّ لهذا الذي اشتراه أولًا ممن اشتراه آخرًا، أن يرد، على من اشتراه منه آخرًا. ووقع في بعض روايات المدوَّنة: له أن يرد عليه. وظاهر هذا الضمير عند بعض المتأخرين أنَّه يعود على من اشتراه منه أولًا.

وقد تعقب هو وغيره من الأشياخ رده على الأوَّل بأن ردَّه على الآخر يتضح ما قرَّرناه. وردَّه على الأوَّل إنَّما يتضح لو وقع التراد من واحد على آخر حتى ينتهي الأمر إلى هذا المشتري الأوَّل. فإذا انتهى إليه لحقه الضرر، فكان من حقِّه الرد. فإذا لم يقع التراد وعلم أنَّ في هؤلاء الجماعة المشترين من مراده ترك الرد إذا كان من حسن النظر له عند نفسه ألَاّ يرد لخسارة تلحقه في ذلك، ومنهم من يختار الرد لكون الرد أنفع. وهذا الإمكان لو خرج إلى الوجود وخرج أحدهم بأنَّه قد التزم هذا المبيع المعيب بعينه وقطع التراجع حتَّى لا يصل الرد إلى المشتري الأوَّل، لسقط حق المقال في هذا العيب لكون المبيع لم يرجع إليه على حسب ما قدَّمناه من مذهب ابن القاسم. وهذا يقتضي ألَاّ يمكن من

الرد على الأوَّل.

وقد رأى بعض أشياخي أنَّ هذا قد يجيء على القولين في مسألة كتاب البيوع الفاسدة. وهي إذا اشترى سلعة شراء فاسدًا ثمَّ باعها بيعًا صحيحًا ثمَّ اشتراها، أن في ذلك قولين، أحدهما: قد ارتفع حكم الفوت لمَّا عادت السلعة إلى يديه ولم يحل سوقها، فيقدر كأنَّها لم تخرج من يديه. والقول الآخر: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>