للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك يمنع من الرد لاختلاف الأملاك واختلاف العهد. فكذلك ينبغي عنده أن يخرج الخلاف ها هنا.

وهذا التخريج عندي فيه نظر. وذلك أنَّ الفسخ في البيع الفاسد حق لله سبحانه لا يسقط تراضي (١) المتبايعين على إسقاطه. والرد بالعيب يجوز الرضى به، ويسقط الحق إذا رضي مشتريه به. وقد ذكرنا إمكان رضي أحد هؤلاء الجماعة به، وإذا رضي به سقط مقال من كان قبله، فيسقط مقال المشتري الأوَّل لأجل هذا على حسب ما ذكرنا أنَّ بعض المتأخرين نَّبه عليه، مع كون هذه المسألة متصورة في التراجع ما بين ثلاثة أشخاص في البيع الفاسد.

ونحن نذكر حكم التراجع بينهم في العيب، وهو أنَّ يشتري رجل سلعة معيبة ثُمَّ يبيعها قبل علمه بالعيب ويبيعها أيضًا من اشتراها منه من رجل آخر، فإنَّ هذا المشتري الآخر له أن يرد على الأوسط. فإذا ردَّ عليه كان الأوسط (٢) أن يرد على الأوَّل إذا لم يعلم بالعيب قبل أن يبيعها, لأنَّه إذا علم به ودلس به على المشتري الآخر، صار رضي منه بالعيب، وإذا لم يعلم، لم يكن راضيًا بالعيب، فكان له الرد على من باع منه وهو الآخر، وله الرد على الأوَّل لرجوع السلعة إليه، على حسب ما قدَّمناه وذكرنا اختلاف الناس فيه، لكون المبيع لمَّا انتقض البيع فيه بينه وبين الآخر، صار كأنَّه لم يبع، وهو إذا لم يبع فظهر له عيب قام به. وإذا تداولت السلعة أملاك كثيرة، أمكن أن يكون أحدهم لا يختار نقض البيع على حسب ما نبَّهنا عليه ممَّا تعقَّبه قوم من الأشياخ على المذهب. ولو أنَّ هذا الأوسط اشتراه من الآخر بأكثر من الثمن الذي باعه، فإنَّه إذا اختار ردَّه على الأوَّل لم يكن له مطالبة الآخر بشيء, لأنَّه لمَّا كان قادرًا على الرد عليه واسترجاع ما زاد عنده من الثمن فعدل عن ذلك إلى الرجوع إلى الأوَّل، فكأنَّه رضي بإمضاء البيع من الآخر.


(١) هكذا في النسختين ولعلَّ الصواب: بتراضي.
(٢) هكذا في النسختين، ولعلَّ الصواب: للأوسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>