للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو تصوَّرت مسألة في رجلين بأن كانت عند رجل سلعة فباعها من رجل ثمَّ اشتراها منه فظهر فيها عيب قديم لم يعلما به، فإنَّ هذا المشتري الذي كان هو البائع الأوَّل من حقه أن يردها على هذا الذي اشتراها منه، لكن إذا كان الثمنان في البيعتين متساويين، (١) فلا فائدة في هذا التراد, لأنَّه إذا باعها الأوَّل بعشرة ثُمَّ اشتراها من مشتريها منه بعشرة فردَّها بالعيب على هذا المشتري الآخر وطالبه بعشرة، كان من حق هذا أيضًا أن يردها عليه ويطالبه بعشرة، فيتقاصان وتبقى السلعة في يد من هي في يديه الآن وهو البائع الأوَّل. ولو كان اشتراها البائع الأوَّل بأقل من الثمن الذي باعها به، لكان من حق هذا البائع الثاني أن يطالبه ببقيَّة الثمن الذي دفع إليه, لأن من حقه لمَّا ظهر العيب أن يرد عليه وقد صارت السلعة قد ردَّت إليه بالشراء، أو كأنَّها ردَّت إليه بالعيب (٢) وإذا ردَّت إليه بالعيب، طولب بالثمن.

وقد حاول بعض أشياخي أن يخرج في هذا اختلافًا من اختلاف عبد الملك وابن القاسم في امرأة خالعت زوجها بمال دفعته إليه، فبعد الخلع ظهر لها أنَّ بالزوج عيبًا يوجب لها الخروج من عصمته وردَّ نكاحه بهذا العيب. فقال ابن الماجشون لها أن ترجع عليه بما دفعته إليه. وقال ابن القاسم لا رجوع لها عليه. وسبب هذا الاختلاف أنَّ ابن الماجشون يرى أنَّها لمَّا أرادت التخلص منه، ولم تقدر عليه إلَاّ ببذل عوض في ظاهر الأمر، وكانت في باطنه قادرة عليه من غير دفع عوض، كان لها ارتجاع ما دفعت من العوض، لأنَّها لو علمت بالحكم وأنَّها قادرة على التخلص، لم تبذل له عوضًا على ذلك.

ورأى ابن القاسم أنَّها لمَّا دفعت ذلك باختيارها، مع إمكان رضاها بالعيب، لم يكن لها ارتجاع ما دفعت. فكذلك ها هنا لا يختار أن يكون هذا البائع الآخر لمَّا رضي أن يعيدها على بائعها بخسارة، وهو قادر على ألَاّ يخسر ويرد عليه بالعيب ويأخذ


(١) في النسختين: متساويان.
(٢) هكذا، ويبدو أن النص قد حرف ولعلَّ الصواب، وقد صارت السلعة وقد .... كأنَّها ردت .....

<<  <  ج: ص:  >  >>