للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع ما دفع إليه من غير خسارة، فإنَّه لا يمكن من طلب هذه الخسارة، كما لا تمكن المختلعة من طلب ما خسرت بسبب الخلع. ويقدَّر على هذا المذهب أنَّ رجوعها بحكم الشراء ملك ثان محقق يستأنف من غير خلاف، وردَّها بالعيب إعادة لها على الملك الأول على أحد الطريقتين عندنا في كون الرد بالعيب نقضًا من أصله. وقد كنَّا أشرنا إلى ما قاله المخالف في أن اشتراءها لا يوجب تمكينه من الرد بالعيب، وما أشار إليه قوم من الأشياخ في تصحيح هذا المذهب وترددهم فيه.

لكن قد يقال عندي في الاعتذار عن ابن القاسم: إنَّ طريقة الأعواض في الخلع بخلاف طريقة الأعواض في البيع، ألا ترى أنَّها لو خالعت بخمر أو خنزير فأبطلنا ذلك ونقضناه أو بغير ذلك ممَّا يتملَّك ويجب نقضه، فإنَّا إذا نقضنا هذه المعاوضة لم ترد إلى الزوج، مع علمنا بأنَّه إنَّما ترك سبيلها وباع منها منافع بضعها بما بذلته له، ثُمَّ مع هذا حكم عليه برد ما أخذه عوضًا عن ذلك، ولم يمكَّن هو من ارتجاع ما دفعه عوضًا عن ذلك لحرمة الفرج، ولكون الطلاق إذا وقع وبانت الزوجة، لم يحل التراضي على التراجع واستباحة الوطء من غير شروطه الشرعيَّه. ولو تصوَّر مثل هذا في البيع المحض بأن باع إنسان عبده بخمر أو خنزير أو بجنين في بطن أمِّه فنقضنا البيع، ورددنا ما في يديه، لكان من حقِّه أن يرتجع عبده الذي عاوض به عن هذا. وكأنَّ هذه الحقوق ماليَّه إبطال أحد العوضين إبطال للآخر. (١) والخلع ليس من الحقوق المالية المحضة، ولهذا أجيز وأمضي عقده بغرر وما (٢) لا يجوز في عقود البياعات. فهذا يمكن أن يكون انفصالًا عمَّا ألزمه بعض أشياخي.

وهذا الذي صوَّرناه في مسألة العيب من ترادد هذا البيع ما بين هذين الرجلين محمله على أنَّ العيب تحقَّق قدمه. ولو كان مشكوكًا فيه هل هو قديم


(١) هكذا في النسختين، وما يقتضحه النص: ولأنَّ هذه الحقوق مالية فإبطال ...
(٢) هكذا في النسختين ولعلَّ الصواب: بما.

<<  <  ج: ص:  >  >>