للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن السؤال الثامن أن يقال: إذا اشترى عبدًا آبقًا دلس البائع بإباقه فباعه المشتري، وهو لا يعلم بإباقه، فأبق عند الثالث فهلك بسبب إباقه، فها هنا حكم التبعيض المختلف بأنَّ البيعة الأولى التي دلس فيها بالإباق يجب على بائعها رد الثمن الذي قبض، والبيعة الثانية لم يدلس بائعها، فتجب قيمة العيب بهلاك المبيع. فها هنا اختلف المذهب في هذا، لمَّا اجتمع هذان الأمران المختلف حكمهما. فالأصل أن يرجع الثالث على الثاني بقيمة العيب, لأنَّ الأوسط الذي باع من الثالث لم يدلَّس فإنَّما عليه قيمة العيب. والأوَّل حكمه مع الثاني إذا وجب له القيام عليه أن يأخذ منه جميع الثمن.

هذا حكم كل واحد مع صاحبه على الإنفراد. فإذا اجتمع الثلاثة أشخاص، فقال ابن القاسم يؤخذ جميع الثمن من الأوَّل فيدفع إلى الثالث، إلَاّ أن يزيد هذا الثمن المقبوض من الأوَّل على ما دفعه الثاني من الثمن وعقد به، فإنَّ هذه الزيادة تكون للأوسط، لكون الآخر قد رجع إليه جميع الثمن الذي دفع، فالزيادة عليه لا حقَّ له فيها. أو يكون الثمن الذي يأخذ الأوَّل نقص عن قيمة العيب من الثمن الذي دفعه الثالث، فإنَّ من حق الثالث أن يرجع بتمام قيمة العيب على الأوسط الذي باع منه. كما كان ذلك من حقه لو انفرد. فكأنَّ ابن القاسم قدَّر في هذا أنَّ الثالث، وإن لم يدلس عليه من باشره بالبيع، فإنَّ المدلس على من باع منه يقدَّر مدلسًا عليه. وحكم من دلس عليه ها هنا أن يرجع بجميع الثمن. ويؤكد عنده كون الأول كالمدلس على الثالث، أنَّ الثالث يقول له: لو أعلمت الأوسط الذي باع مني بالإباق لأعلمني به، فلم أشتر هذا العبد منه، وإن لم يعلمني به، كان به مدلسًا علي، فأنت سبب في إتلاف الثمن علي. ومتلف الشيء بسبب يقتضيه بلا بدٍ كمتلفه بمباشرة، فلهذا قضي على البائع الأوَّل برد الثمن كلِّه وإعطاء الثالث ما لم يكن أكثر مما دفع الثالث أو أقلَّ من قيمة عيبه من ثمنه.

وذكر أصبغ أنَّ الثمن إذا أخذ من الأوَّل، دفع منه إلى الثالث قيمة العيب الذي يستحقه على الثاني لو انفرد به، وسلَّم. بقيته إلى الأوسط. فإما أخذ جميعه

<<  <  ج: ص:  >  >>