يحمل السالمُ المعيب كون السالم هو الأقل، فأحرى أن يكون للبائع مقالًا في أن يحمل الأكثر هو السالم عيب أقل الصفقة إذا كان هو المعيب. ويتعلَّق بذكر الموزون والمكيل مطلقًا من غير تخصيص بأن يكون طعامًا. وقد قدَّمنا عن غيره أنَّ الموزون والمكيل يحمل بعضها بعضًا في العيب، بخلاف العروض.
وإذا توجَّه للمشتري ردَّ الأقل لبطلان أكثر الصفقة، فإن أراد الإمساك ورضي ببطلان غرضه في الاستحقاق، فإنَّه يمكن من ذلك إذا كان الذي يتمسَّك به معلومًا مقداره من الثمن بأن يكون المبيع وقع على قيل أو وزن، فإنَّه يعلم إذا استحقَّ من ذلك أكثر أجزائه ما يختص بالجزء الذي يستحق. فأمَّا إن كان ممَّا لا يعلم مقداره، كاستحقاق أعلى عبدين فيها، فإنَّه يمنع من الإستمساك بالعبد الأدنى الذي لم يستحق عند ابن القاسم, لأنَّه لمَّا ملك ردَّه صار استمساكه به كابتداء اشترائه بثمن مجهول, لأنَّه لا يستمسك به على (١) أنَّ ثمنه مقدار ما يختص به من ثمن جميع الصفقة وذلك مجهول.
وأجاز ذلك ابن حبيب وقدَّر أنَّه لمَّا لم يختر المشتري ردَّ ما بقي في يديه، فإنَّ استمساكه به بحكم العقد الأوَّل الذي كان ثمن العبدين جميعًا فيه معلومًا، ولم تضر الجهالة في أصل العقد بما ينوب كلَّ واحد من العبدين لمَّا كانا لمالك واحد، فكذلك لا تضر هذه الجهالة الواقعة بعد صحَّة العقد, لأن العقد لم ينحلَّ بالرد. ألا ترى أنَّ هذا العبد الذي لم يستحق لو مات في يد مشتريه، كان ضمانه منه لكون البيع فيه منعقدًا حتَّى يردَّه المشتري.
وقد يجري هذا الخلاف على الاختلاف الذي ذكرناه في جمع سلعتين لرجلين. وقد ذكرنا سبب الخلاف في موضعه.
وقد قيل إنَّ مقتضى ما يشير إليه أشهب ما ذهب إليه ابن حبيب ها هنا. لكون أشهب أجاز في مسألة المدونة فيمن اشترى طوقًا ذهبًا فأصاب به عيبًا أن يصالح عن العيب على دراهم مؤخَّرة. وقدَّر أنَّ الطوق لمَّا لم يُردَّ بالعيب، صار