للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما دفع من الدراهم المؤجَّلة إنَّما هو عوض عن ترك المخاصمة لا كاستئناف عقد يتصوَّر فيه الربا. وذكر أيضًا أشهب في من غصبت له أمة فولدت الأمة فباع الغاصب بعض أولادها، أنَّ لمن غصبت منه بيع (١) ما بيع من أولادها دون ما سواهم مع كونه قادرًا على أن يستردَّ الجميع أو يأخذ ثمن الجميع، فقد وقع منه التبعيض للعقد بثمن مجهول. وقد وقع في الموّازيّة فيمن اشترى عبدين فوجد بكل واحد منهما عيبًا، فإنَّ له رد أحد العبدين والتمسك بالآخر. وهو إذا تسمك بعد قدرته على رده، فإنَّما تمسَّك به على أن يكون عوضه ما ينوبه من الثمن الذي دفعه عن جميع العبدين فلم يعتبر هذا لما كان أصل العقد عليهما صحيحًا، وإنَّما حدثت هذه الجهالة بعد صحَّة العقد ووجبت الأحكام فيها كما ذكرناه من رد أو إمضاء.

وقد ذكر في المدوَّنة فيمن باع شاتين مذبوحتين فوجد إحداهما غير ذكيَّه، أنَّ ذلك بمنزلة الطعام إذا بيع فاستحقَّ بعضه فإنَّ له ردَّ الذكيَّة، على حسب ما قدَّمناه في الطَّعام في استحقاق بعضه، وله أن يتمسَّك بالذكيَّة بحصَّتها من الثمن. وقد كنَّا قدَّمنا من أصله أنَّه إذا قدر على الرد، منع من الإستمساك بثمن مجهول. وقد قال يبيح لا يعجبني قوله: له أن يحبسها، فأشار إلى أنَّه خالف أصله في هذا. لكن الشيخ أبو محمَّد ابن أبي زيد استدرك هذا الجواب بان قال محمَّد (٢) ما قال على أنَّ هاتين الشاتين بيعتا على الوزن وهما متقاربتان في السمن. فإذا استمسك بالذكيَّه، فقد استمسك بثمن معلوم، لكون الموزون إذا استحقَّ بعض أجزائه، كان ثمن الأجزاء الباقية معلومًا، فلا يمنع مانع من جواز الإستمساك بها. وهكذا تأوَّل الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمان هذه المسألة على أنَّ البيع وقع على الوزن. وأنكر أبو القاسم ابن الكاتب هذا التأويل ورأى أنَّ ظاهر الكلام في المدوَّنة يقتضي بيعها جزافًا لكونه اقتصر على كونهما مذبوحتين. وظاهر ذلك أنَّهما لم يسلخا وأنَّ رأسيهما باقيان، فلهذا عرفت


(١) هكذا في النسختين، ولعلَّ الصواب: إمضاء بيع.
(٢) هكذا في النسختين ولعلَّ الصواب محمل ما قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>