للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتحريم. وقال سحنون في مسألة الشاتين: إنَّ البيع فاسد. وكذلك لو عقد على قلَّتين يعتقد أنَّهما خلَّ فظهر أنَّ إحداهما خمر. وهكذا يذهب فيمن (يزوج امرأة شخص اعتقد أنَّه عبد، فإذا به حر، النكاح عنده يفسخ). (١) ولم يعذر في هذه العقود بالجهالة بالتحرلم، ورأى أنَّ الحر والميتة والخمر ممَّا يحرم العقد عليه شرعًا، فلا تأثير لجهل العاقد أو علمه في هذا إلَاّ من ناحية رفع الإثم عن الجاهل.

وقدَّر ابن القاسم أنَّ الجهل في هذا يعذر به في تصحيح العقد على ما يحل. وأنَّ الذي وجب فسخه يقدَّر كالاستحقاق لمَّا ارتفع الإثم ها هنا عن الجاهل بتحريم بعض المعقود عليه. والاستحقاق لبعض المبيع لا يحرم الاستمساك بما لم يستحق. وكذلك ما فسخه الشرع ها هنا من المحرَّم يقدَّر كأنَّه استحقَّ بالشرع. وتصوَّرنا في هذه المسألة أنَّ الشاة الذكيَّة علمت على الجملة دون التعيين، يوجب فسخ بيع الجميع لكون الحلال لم يتميَّز من الحرام. فلو أمضينا البيع في إحداهما، لأمكن أن يصادف هذا الإمضاء الشاة الغير ذكيَّة. ولو أكل المشتري إحداهما، والأمر كذلك، لم يلزمه إلَاّ ربع ثمنها, لكون الباقية منهما يجب فسخ البيع فيها فثمنها يسقط، والأخرى المأكولة يمكن أن تكون هي الذكيَّة، فيجب غرامة جميع ثمنها، ويمكن أن تكون ليست هي الذكيَّة، ويسقط جميع ثمنها، فكان الواجب لاستواء جانب البائع والمشتري أن يقتسما هذا الثمن نصفين، كما يقسمان ما لا يدعيانه ولا يد لأحدهما عليه. وهذا وإن كانت يده على هذه المأكولة، فإنَّه قد علم أنَّ يده عليها إنَّما كانت من يد البائع أخذها منه بثمن. ولو وقع البيع في قلال يعتقد أنَّها خل، فوجد بعضها خمرًا فشغل المشتري عن التحاكم فيها إلى أن تخلَّلت وثبت ذلك بالبيِّنة. فان الأبياني قال: ثمن هذه التي تخلَّلت يسقط عن المشتري. ولكنَّ الشيخ أبا محمَّد ابن أبي زيد إستدرك هذا الكلام عليه، وتأوَّل أنَّه إنَّما يصح على أنَّ هذه القلال التي


(١) ما بين قوسين كلام غير واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>