للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تخلَّلت، تردّ على بائعها. وإذا ردَّت عليه وجب سقوط ثمنها عن المشتري.

وهذا الذي استدركه عليه ابن أبي زيد يمكن أن يكون الأبياني لم يُورده، لكون هذه القلال التي كانت خمرًا عند العقد لا ملك للبائع عليها, ولا يستحق فيها على هذا المشتري لو أتلفها, ولا يصح حيازته لها. فإذا ارتفع ملكه عنها حين العقد وحيازتها, لم يبقَ إلَاّ أنَّ الله سبحانه خلَّلها وهي في يد مشتريها فصارت حلالًا. فكأنَّ الله سبحانه وهبه رزقًا من عنده، كطائر يسقط بداره، أو ماء أنبعه في أرضه، أو سقط طائر في أرض مباحة فسبق هذا إلى اصطياده وأخذه.

وهذا عندي ممَّا ينظر فيه. ولعلَّنا أن نبسط القول في صحَّة الحيازة للخمر في موضعه إن شاء الله تعالى.

ولو قدَّرنا أنَّ الحيازة تصح للبائع، لأمكن أيضًا أن يقال: إذا تخلَّلت عند المشتري ولم يُقض بها له ووجب ردها على البائع، فهلَّا كان من حق البائع أن يلزم المشتري ثمنها، ويكون ذلك كعيب ذهب عن المبيع قبل رده بالعيب. فإن قيل: فإنَّ المبيع المعيب إذا ذهب عيبه قبل الرد فإنَّه حلال قبل العقد وفي حين العقد وبعد العقد. وهذا في حين العقد هو في نفسه حرام، فلا يصح إمضاؤه ويقدر أنَّ ذلك كعيب ذهب.

قيل: قد قدَّمنا أنَّ مذهب ابن القاسم أنَّ الجهل بهذا المحرَّم عذر في كونه لا يفسد الحلال الذي ضامَّه، وأنَّه يجري مجرى الإستحقاق ببعض المبيع.

فكذلك يجب أن يقدَّر أيضًا أنَّه كمباح بيع وهو معيب فذهب عيبه قبل الرد.

لكن قد يقال أيضًا ها هنا: إنَّ المتعاقدين لو علمًا بالتحريم، لصحَّ العقد فيما هو حلال على أحد المذاهب. فماذا جهلًا ذلك، كان أحرى في تصحيحه.

وها هنا إنَّما تقدَّم الإمضاء فيما هو محرَّم لنفسه لا لأجل غيره. فكان أشد في منع إمضاء العقد فيه. وكأنَّ هذه التفرقة تمنع من تشبيهه بعيب ذهب.

ولو كان المبيع قد فات بعضه واستحقَّ ما بقي منه أو ردَّ بعيب، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>