الفائت إن كان هو الأقل، فإن ردَّه لأجل بطلان الصفقة لا سبيل إليه لفوته، لكونه لمَّا علم أنَّه لو كان قائمًا، كان للمشتري نقض البيع فيه، على حسب ما تقدَّم، فإنَّ المشهور من المذهب أنَّه يمضي البيع فيه بحصَّته من الثمن، فإذا كان البيع عقد على عبدين أحدهما تبع للآخر وفات الذي هو التبع، نظر إلى قيمته من قيمة صاحبه الذي ردَّ بالعيب أو استحقَّ. فإن كان في حكم التقويم ربع الصفقة، مضى فيه بربع الثمن وردَّ البائع من الثمن الذي قبض ثلاثة أرباعه، وهو ما قابل المردود بالعيب أو المستحق. وكأنَّ هذا قدَّر أنه لما استحال ردُّ عينه لفوته، امتنع أيضًا لاستحالة رده نقض البيع فيه, لأن البيع إنَّما انتقض فيه إذا كان قائمًا لكون المشتري بطل غرضه. وقد يكره بقاءه منفردًا في ملكه ويتعذً ر بيعه عليه. وإذا فاتت عينه وجبت المحاسبة في الثمن إذا كان عينًا دنانير أو دراهم. وإذا وجبت المحاسبة فلا معنى لرد قيمته عوضًا عن عينه, لأنَّ العين إذا كانت باقية، ردَّت لأجل ما قلناه من فقد غرض المشتري. وهذا الغرض الذي اعتبرناه قد بطل لما فات واستحال رده. وقيل: بل يرد قيمته، بالغة ما بلغت، لكون القيمة عوض العين. وهكذا قال ابن المواز، فيمن باع شاة عليها صوف فجزَّه وأتلفه، إنَّ الشاة إذا ردَّها بعيب ردَّ مثل الصوف أو قيمته ما بلغت، وكأنَّ من ذهب إلى هذا رأى أنَّ الذهاب إلى إمضاء البيع فيه، مع إمكان وجوده (١) المغابنة فيه حين العقد، إلزام المغابنة للمغبون، مع بطلان غرضه في الصفقة. وهو يحتج بأنَّ المغابنة إنَّما سهلت عليه لأجل ما حصل له من جملة الصفقة. فإذا بطل غرضه لم يلزم المغابنة، فإنَّا لو قدَّرنا أنَّ الثَّمن مائة دينار والقيمة حين العقد ثمانون دينارًا، وألزمنا المشتري إمضاء البيع عليه في العبد الأدنى الذي فات، أسقطنا رجوعه بخمسة وعشرين دينارًا إذا ألزمناها له، وهو إنَّما التزمها لحصول غرضه في الجملة، كنَّا أضررنا به، فكان الأولى أن يردَّ قيمة الفائت عوضًا من رد عينه.