للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باع، فإنَّه لم يغر ولا صار كالقاصد لإتلاف مال المشتري، فلم يجب عليه سوى قيمة العيب.

وذكر الطحاوي أنَّ الشافعي يرى أنَّ البائع لا يضمنه وإن مات العبد من عيب دلس به. قال: لأنَّه لو أعتقه عن واجب ثُمَّ مات لأجزأ عنه. فأشار إلى أنَّ الإجزاء في العتق يدل على أنَّ المشتري قد استقرَّ ملكه عليه لمَّا كان له الرضى بالعيب والضمان من المالك.

والإنفصال عن هذا هو ما قدَّمناه من كون البائع قد غرَّه فأتلف ملكه وماله.

والذي ذكره الطحاوي في العيب يفتقر إلى تفصيله. لأنَّا لا نرى إجزاء عتق الرقبة المعيبة في الكفَّارة.

فإذا تقرَّر أنَّ تلف العبد إذا كان بسبب التدليس، فإنَّ البائع عليه رد الثمن.

وإن مات فإنَّه إذا كان الموت ليس من سبب العيب الذي وقع به التّدليس ولا علاقة بينه وبينه، فإنَّ البائع لا يلزمه إلَاّ قيمة العيب الذي دلس به لأنَّه لم يتلف مال المشتري مباشرةَّ ولا بسبب فعله. لكن اختلف المذهب في هذا العبد الآبق الذي باعه سيده فأبق عند المشتري فمات على صفة لا يعلم ارتباطها بالإباق وكون الإباق مسببًا فيها، مثل أن يعرض له سوء مزاج من قبل نفسه، ومن قبل ما ليس للإباق سبباً فيه، فإنَّ المشهور من المذهب كون البائع مطلوبًا برد الثمن. وقال ابن دينار: لا مطالبة عليه بجميع الثمن لكون الإباق ليس هو السبب في قتله.

فكأن أهل المذهب المشهور رأوا أنَّه بنفس الإباق وجب على البائع رد الثمن على أنَّه مات في إباقة أو بقي على الحياة، لكون الإباق حال بين المشتري وبين جميع منافع العبد التي عليها عاوض بالثمن. وكان هذا المنع من جميع منافعه من جهة البائع وتغريره بالمشتري فوجب عليه رد الثمن. بخلاف هلاكه من عيب حدث به لا تعلق له بالإباق الذي حال بين المشتري وبين جميع المنافع التي عاوض عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>