فكذلك لو كان عبدًا سارقًا دلس فيه بعيب السرقة وكتم ذلك عن مشتريه، فإنَّه إن سرق عند المشتري من مال رجل أجنبي فقطعت يد العبد، فإنَّ المشتري يرد العبد ويرجع بجيع الثمن ولا غرامة عليه في اليد التي قطعت, لأنَّ قطعها إنَّما كان من جهة البائع الذي كتم عن المشتري سرقته ودلس عليه بها. وإن كانت سرقته دون النصاب أو من غير حرز حتَّى يسقط القطع فيها، فإنَّها تصير كجناية جناها عند المشتتري بسبب تدليس سيده. فللمشتري نقض البيع وتعود المطالبة بين المسروق ماله وبين البائع المدلس.
ولو كان هذا العبد إنَّما سرق من مال مشتريه الذي اشتراه أو لم يعلم بكونه سارقًا، فإنَّ المذهب على قولين: هل تتوجَّه المطالبة بهذه السرقة أم لا؟ فذهب ابن حبيب إلى أنَّ المطالبة بهذه السرقة ساقطة، لكون هذا العبد إنَّما جنى على مال سيِّده الذي هو على ملكه فلا مطالبة عليه. ورأى مالك وسحنون أن المطالبة تتوجَّه. واختلف في محلِّها من العبد. وسبب هذا الاختلاف في ثبوت المطالبة أو سقوطها، أنَّه قد علم أنَّ العبد إذا جنى على أجنبي فأتلف ماله من غير أن يكون صاحب المال أذن لهذا العبد في وضع يده على هذا المال، فإنَّ العبد مطلوب بهذه الجناية. وإذا جنى على مال سيِّده فالعبد غير مطلوب.
وها هنا وقع إشكال من ناحية أبينها لك. وذلك أنَّ المشتري قادر على رد هذا العبد إلى ملك سيده ونقض البيع فيه. وهو لو ردَّه، ثُمَّ بعد رده أتلف مال هذا المشتري، فإنَّه مطلوب بغير خلاف. فمن قدَّر أنَّه ها هنا لمَّا كان مالكًا للرد، صار حكمه حكم من ردَّ، ألزم المطالبة بهذه الجناية. ومن رأى أنَّه لمَّا خيّر بين أن يرد العبد أو يمسكه، صار قصارى ما فيه أنَّه ملك أن يملك الرد.
ومن ملك أن يملك لا يعد مالكًا على أحد القولين، فسقط على هذا المطالبة، لكونه إنَّما جنى ماله على ماله، وهو قبل أن يرد باق على ملكه. وإن قلنا: إنَّه بقدرته على الرد، صار مالكًا للرد، وكأنَّه قد رد، لالتفت أيضًا إلى أصل آخر، وهو ما اشتهر من الخلاف في الرد بالعيب، هل هو كابتداء بيع فيكون هذا العبد