للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنَّما أتلف مال سيِّده. لكن قد يلتفت مع هذا أيضًا إلى كون هذا التالف لسيِّده فيه مشاركة بالتدليس، فيضاف فعل العبد إليه. ولكن إنِّما يتعلَّق بالعبد الفاعل بأن يخرج من ملك سيِّده إن لم يفتده. فهذا وجه التحقيق عندي في هذه المسألة. وأمَّا سبب الخلاف فيها مع القول بتوجه المطالبة، هل تتعلَّق برقبة العبد أو بذمَّته فنبسط القول فيه في موضعه إن شاء الله تعالى، إذا تكلَّمنا على سبب الاختلاف إذا أودع وديعة فأكلها، أو التقط لقطة فأكلها، فإنَّه أذن له في وضع اليد على هذا المتناول، وكأنَّ هذا الإذن إذن في التصرف، فيكون ذلك جناية في رقبته. وقد علم أنَّ إتلافه من غير إذن أصلًا يكون في رقبته، وإتلافه مع الإذن في وضع اليد دون التصرف وقع فيه هذا الإشكال، هل هو كإذن في التصرف ووضع اليد، أو كعدم الإذن فيهما، فينظر ما يغلب في حكم هذين الموضعين على صاحبه.

ولو كانت السرقة لم يدلس بها, لم يكن للمشتري أن يرد هذا العبد إلَاّ بعد أن يغرم قيمة يده. ولو كانت سرقة لا قطع فيها, لكان له الخيار في أن يأخذ قيمة العيب، ويتولَّى هذا العبد بنفسه. فيمكن من أخذ قيمة العبد لما يلحقه من خسارة في العبد إذا أراده.

وقد تنازع الأشياخ في عيب كتم بعضه وبيَّن بعضه. مثل أن يبيع عبدًا قد أبق له سنة، فيقول للمشتري أبق شهرًا.

فقال الشيخ أبو بكر ابن عبد الرحمان إن هلك العبد في مدة الشهر، فلا مطالبة على البائع، لكونه هلك بسبب عيب قد بيَّنه. وإن هلك بعد الشهر ضمنه بائعه. فكأنَّه أعطى لما كتم حكمه لو تجرَّد.

وخالفه غيره، ورأى الأقل (١) حكم الأكثر. فإن كان المكتوم هو الأكثر، صار كمن كتم الإباق كله. وإن كان المبين هو الأكثر، صار كمن بيَّن الإباق كله. وكأنَّ هذا قدَّر أنَّه قد ورد في الشرع إجراء حكم الأكثر على الأقل، كما قيل في ثمرة أبو بعضها، أو زرع سقي بالدلو وبماء السماء، إلى غير ذلك مما


(١) هكذا في النسختين، ولعلَّ الصواب: للأقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>