ومنهم من ذهب إلى أنَّ الواجب في ذلك قيمة العيب المكتوم. وكان (١) قدَّر أنَّ بعض مدَّة الإباق تبعث المشتري على حراسته وضبطه، فيكون البائع غير معين على تلفه.
وقد كنَّا قدَّمنا اختلاف الأشياخ أيضًا فيمن باع عبدًا به ورم، فلم يدلس بالورم، فزاد الورم عند المشتري، فقال الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمان: لا يضمن المشتري هذه الزيادة لكونه إنَّما ردَّ المبيع بسبب أصلها وهو مبدأ الورم. وخالفه غيره.
وكذلك كنَّا قدَّمنا أيضًا، إذا دلس على المشتري بعيب فباعه هذا المشتري قبل أن يعلم بعيبه من آخر، فهلك بسبب العيب المدلس به عند المشتري الثاني، وقد ذكرنا أنَّه قد قيل: ينزع الثمن كله من الأوَّل، ويقدر كونه مدلسًا على الآخر لما دلَّس على المشتري منه.
وقد حاول بعض أشياخي أن يجري هذا الاختلاف في هذه المسألة التي قدَّمناها فيمن دلس في عبد باعه بعيب فمات بسبب ذلك العيب، وقد كان المشتري أعتقه أو وهبه أو كانت أمة فولدت منه، فإنَّه قد قال في المدوَّنة عن المشيخة السبعة: إنَّه يرتجع من البائع الثمن.
وحاول بعض أشياخي أن يجري في عتق هذا العبد أو هبته ما قدَّمناه من الخلاف في المسألة التي ذكرناها الآن وأحلناها على ما تقدَّم، وهي من باع عبدًا آبقًا دلَّس فيه بالإباق، فباعه مشتريه قبل أن يعلم بإباقه من مشتر آخر، فمات عند المشتري الآخر. وكأنَّ من قال: ينتزع الثمن من البائع، يرى ها هنا ما قاله المشيخة السبعة. ومن قال: لا يكون للمشتري الآخر إلَاّ قيمة العيب، يقول ها هنا: لا يكون له بعد العتق والهبة إلَاّ قيمة العيب المدلس به، لكون هذا العبد قد خرج من ملكه، فيجب أن يجري فيه من الخلاف ما جرى في خروجه