وأمَّا إن أحدث نقصًا وزيادة وكانت الزيادة كأنَّها من مقتضى النقص، فإن الحكم إدخال النقص في قيمة الزيادة حتَّى تخلص من ذلك زيادة أو نقص محض أو عدم زيادة وعدم نقص. مثل أن يشتري ثوبًا دلس فيه البائع بعيب، فقطعه المشتري قبل أن يعلم بالعيب، وخاطه قبل أن يعلم بالعيب، فإنَّ القطع نقص والخياطة زيادة. كأنَّ القطع اقتضاها، فيجبر بالزيادة عيب النقص، على ما نبينه في حكم التقويم. وأمَّا إن كانت الزيادة ليست من مقتضى النقص، مثل أن يشتري ثوبًا فيصيبه عنده خرق، ويصبغه أو يقطعه ثمَّ يصبغه، فإنَّ هذا مما لم يقع لمن تقدم من أصحابنا فيه نصَّ على النقص يجبر بالزيادة. وقد تردَّد الشيخ أبو إسحاق التونسي هل يقتضي المذهب جبر القطع بالخياطة الجبر لهذه الزيادة التي لا تعلق لها بالنقص أم لا؟ وكذلك تردَّد) (١) أيضًا فيه غيره من الأشياخ.
ولكنَّه أشار إلى التفرقة بين هذا وبين جبر القطع بالخياطة، فإنَّ الخياطة يقتضيها القطع وكأنَّهما كمعنى واحد لتعلق الثاني بالأوَّل. فحسن ها هنا أن يمحو الأوَّل بالثاني. بخلاف من قطع الثوب ثمَّ صبغه، فإنَّ هذا لا تعلَّق لأحدهما بالآخر.
واستشهد بأنَّهم قد قالوا: إن من خرق ثوبًا فعليه رفوه وغرامة ما نقص. وما ذلك إلَاّ لكون القطع تفريق أجزاء والرفو تلفيقها ونظمها، فحسن أن يجعل كالشيء الواحد. وقد كنَّا نحن أشرنا إلى هذه الطريقة فيما تقدَّم لمَّا ذكرنا أنَّ من اشترى جارية بها عيب فأزوجها وولدت عنده، أنَّه يجبر العيب بالولد لمَّا كان العيب للتزويج الذي حدث عنده، وهو المقتضي للولادة. وذكرنا ما قيل في ذلك.
والجواب عن السؤال الرابع أن يقال: قد قدَّرنا أنَّ المشتري إذا اطَّلع على عيب ولم يحدث عنده بالمبيع تغيُّر، فإنه مخيَّر بين الرد ولا شيء عليه، والإمساك ولا شيء له. وإن حدث عنده نقص، والبائع لم يدلس به، فإنَّه مخيَّر بين أن يأخذ قيمة العيب ويتمسَّك بالمبيع أو يرد بالعيب ويرد معه ما نقص
(١) هنا ينتهي النقص من نسخة الوطنية، وهو نقص يقدر بصفحتين.