والجواب عن السؤال الثالث أن يقال: لا يخلو المبيع، الذي دلَّس فيه بعيب وغيره، من أن يكون المشتري أحدث فيه نقصًا أو أحدث فيه نقصًا وزيادة. مثل أن يشتري ثوبًا فيقطعه، وقد دلس البائع فيه بعيب، فإنَّّا قد تكلَّمنا على هذا، وذكرنا ما قال فيه من تقدَّم من أهل المذهب ومن تأخَّر. وكذلك لو أحدث فيه زيادة محسوسة، ولكنَّه نقص من جهة الثمن.
مثل أن يصبغ الثوب صبغًا ينقص ثمنه، فإنَّه إن كان البائع مدلسًا واختار المشتري الرد، فلا غرامة عليه في هذا النقص، كما لا غرامة عليه في القطع.
ولو كان صبغه صبغًا أفسده به حتَّى بطل الغرض المقصود منه، فإنَّه إنَّما له قيمة العيب، كما قلناه في القطع أيضًا: إذا اشترى مقطعًا ففصله ثيابًا أو خرقًا، فالقطع والصبغ يستوي حكمهما في الرد أن المشتري لا يغرم ما نقص إذا كان الصبغ مما ينقص ثمن الثوب. ويختلفان في التمسك وأخذ قيمة العيب لئلا يخسر ما أدَّاه من إجارة في الصبغ. وقدَّمنا إنَّ إلزام المشتري غرامة إذا ردَّ به عذر في تمكينه من أخذ قيمة العيب. وكذلك يمنع إذا أختار الرد، فإنَّه لا يمكنه بأن يخسر ما أدَّى في الصبغ، وكان لأجل هذا أخذ قيمة العيب. وأمَّا التقطيع فقد قدَّمنا أنَّه يرد ولا شيء عليه، أو يمسك ولا شيء له. وذكرنا ما تأوَّل فيما وقع في المدوَّنة من تمكينه من أخذ قيمة العيب في هذا، وما قيل في ذلك. وأمَّا إن أحدث المشتري فيه زيادة محضة، فإنَّ له أخذ قيمة العيب لئلَّا يخسر إذا ردَّ ويخرج على ملكه.
فحصل في هذا أنَّ الزيادة التي تتوقَّع خسارته يمكن المشتري من أخذ قيمة العيب، مدلسًا كان البائع أو غير مدلس.
وأمَّا النقص ففي عدم التدليس تجب غرامته إذا ردَّ أو يمكن من أخذ قيمة العيب، وفي التدليس غرامة عليه إذا ردَّ، وتمكينه من أخذ قيمة العيب يتفصَّل، كما قلناه إن اقتضى ردَّه خسارة مُكِّنَ من أخذ قيمة العيب، وإن لم يقتض ذلك فإنَّه لا يمكن.