للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يدلس بالعيب، واطَّلع المشتري منه على عيب، وحدث عنده عيب إن أسقط البائع عن المشتري قيمة العيب الحادث عنده، لم يمكن من المطالبة بقيمة العيب الذي كان عند البائع لسقوط الغرامة التي من أجلها كان له المطالبة بقيمة العيب الذي كان عند البائع. هذا مع كون المشتري قد وجب له التخيير قبل أن يسقط عنه البائع قيمة العيب الحادث عنده، فكيف بمن لم تجب عليه غرامة لأجل التقطيع.

وعلى هذا الأسلوب يجري القول فيمن باع جارية بكرا دلس بعيب فيها، فافتضَّها المشتري ثُمَّ اطَّلع على عيب بعد افتضاضها، فقال الشيخ أبو القاسم بن الكاتب إنَّه لا يلزمه قيمة الافتضاض، كما لم يلزمه قيمة تقطيع الثوب، لكون البائع كالآذن في الإفتضاض لما دلَّس بالعيب، كما قرَّرنا في التقطيع. قال: وقد ذكرنا أنَّ الرواية: وجوب مطالبة المشتري بقيمة الافتضاض إذا ردَّ الجارية بالعيب، ولو كان البائع مدلسًا.

وحاول بعض أشياخي أن يجري هذا على القولين، فإنَّه قد علم أنَّ من اشترى ثوبًا دلَّس فيه البائع بعيب فلبسه المشتري، فإنَّه إذا ردَّه ردَّ معه ما نقصه اللباس، وإن كان البائع مدلسًا، لكون المشتري قد انتفع باللباس وصان به ماله.

ولو لم يلبس هذا لبس ما عنده من الثياب فينقصها بلباسه كما نقص هذا. وعلم أيضًا أنَّ التقطيع لا غرامة عليه فيه إذا دلس البائع بالعيب لمَّا كان لا منفعة للمشتري فيه. فإن قلنا: إنَّ الافتضاض مما ينتفع به المشتري كما ينتفع باللباس، وجب رد قيمة الإفتضاض.

وكان غيره من أشياخي إذا تكلَّم على سبب الإختلاف في إلزام الولد أن يزوج أباه الفقير، فقال: إنَّ سبب هذا الاختلاف النظر في الوطء هل هو كالأقوات المحتاج إليها. فيكون على الولد أن يزوَّج أباه، كما عليه أن يشتري له قوته. أو يقال: إنَّه ليس من ناحية القوت، وإنَّما هو كالتفكه والتلذذ. فلا يلزم الولد ذلك. وهذا الذي أشار إليه شيخنا هو الذي أشار إليه شيخنا الآخر، وللنظر في ذلك محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>