للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أدَّى فيه ثمنًا، فيكون له (١) أخذ قيمة العيب لئلَّا يخسر هذا الثمن الذي أدَّاه في الصباغ. وهذا التأويل فيه تعسف وخروج عن ظاهر ما في المدوَّنة لأنَّه ذكر في السؤال القطع والصبغ. وأجاب عنهما جواباً واحدًا. ولهذا تأول الشيخ أبو موسى بن مناس المسألة على أن التقطيع أدَّى فيه المشتري ثمنًا لمن فضَّل له الثوب، فقد يفتقر التفصيل إلى إجارة، مثل تفصيل الثياب الرفيعة من ديباج وغيره، فإنَّ تفصيلها يفتقر إلى علم، فلم (٢) يعلمه يستأجر عليه من يعلم.

وأشار بعض أشياخي إلى هذا (٣) التأويل إنَّما يستقل تخريجًا على أحد القولين فيمن اشترى عبدًا أعجميًا علَّمه صناعة أدَّى في تعليمها ثمنًا، فإنَّ له أخذ قيمة العيب لئلَاّ يخسر ما أدَّاه في التعليم، لمَّا كان ما أداه في التعليم لم يحصل منه عين قائمة في المبيع. وكذلك يجري الأمر فيما أدَّاه في التقطيع.

ويمكن عندي أن يقال في هذا أنَّ الغالب في المقطع أن يفصل، والغالب في التفصيل أن يؤدى عليه أجرة. ولو ردَّ على بائعه صحيحًا لأدَّى في تفصيله أجرة، فقد كفاه المشتري مؤونتها، فوجب أن يكون له مقال لأجل ذلك بخلاف تعليم العبد الأعجمي.

وقد حاول بعض أشياخي أيضًا إجراء المسألة على ظاهرها والإستغناء عن التأويل لها، فقال: أما رأي مالك أنَّ من لم يدلس بالعيب للمشتري أن يتخيَّر عليه ويأخذ منه قيمة العيب، فمن دلَّس وظلم، أحرى أن يؤخذ منه قيمة العيب، ويمكن المشتري من ذلك، لكون البائع ظالمًا، والظالم أحق أن يحمل عليه.

وهذا الذي قاله يهدم ما أصَّلناه من أنَّ علَّة تمكين المشتري من أخذ قيمة العيب الضرر الذي يلحقه بالخسارة، وها هنا لا خسارة عليه، فلا يصح تمكين المشتري من المطالبة بقيمة العيب. وقد قيل في المذهب المشهور: إنَّ من لم


(١) اعتمدنا نسخة المدينة في إثبات ما ذكر من قوله: له أخذ قيمة العيب إلى قوله. وكذلك. وذلك لسقوطه من نسخة المكتبة الوطنية.
(٢) هكذا, ولعلَّ الصواب: فمن لم ...
(٣) هكذا, ولعلَّ الصواب: إلى أنَّ هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>