يأخذ قيمة العيب أو يرد الثوب. وما نقصه القطع، إذا كان البائع غير مدلس بالعيب الذي اطلع عليه المشتري بعد أن قطعه. وأمَّا إن كان البائع مدلساً، فإنَّ المشتري لا يلزمه غرامة هذا النقص الذي هو القطع، لكون البائع كالآذان له فيه؛ لأنَّه لما دلَّس بالعيب، وعلم أنَّ للمشتري الرد به، وأنَّه قد يقطعه، صار البائع هو السبب في قطعه فلم يكن له مطالبة به، وصار هذا النقص منه، كما تكون منه مصيبة العبد الآبق إذا دلس بإباق فأبق عند المشتري فمات بسبب الإباق. فإذا لم يلزمه غرامة هذا النقص، لم تكن له المطالبة بأخذ قيمة العيب الذي كان عند البائع، لأنَّا قدَّمنا فيما سلف أنَّ المشتري إذا اطلَّع على عيب بالمبيع بعد أن حدث عنده نقص فيه، أنَّه لم يثبت له الخيار في أن يأخذ قيمة العيب ويتمسَّك بالمبيع، لكونه لا يمكنه رد المبيع بالعيب إلَاّ بخسارة تلحقه، وهي غرامة ما نقص أو خسارة تقدَّمت له في المبيع، على حسب ما قدَّمناه فيمن اشترى أعجمياً فعلمه صنائع بإجارة بذلها على أحد القولين. فإذا لم يكن على هذا القاطع للثوب الذي دلَّس عليه البائع بعيبه غرامة في القطع، لم تكن له المطالبة بقيمة العيب، على ما أصَّلناه. وهكذا قال ابن المواز في هذا: إنَّ المشتري بالخيار بين أن يرد ولا شيء عليه للقطع، أو يتمسَّك ولا شيء له.
لكن وقع في المدونة فيمن اشترى ثوباً فقطعه أو صبغه صبغاً ينقصه، ثُمَّ اطَّلع على عيب، أنَّ له أن يأخذ قيمة العيب أو يرد ولا شيء عليه. أمَّا قوله: يرد ولا شيء عليه، فهو جار على الأصل الذي قدَّمناه من أنَّ المشتري لا يطالب بالنقص إذا دلس عليه بعيب، على حسب ما قدَّمناه. وأمَّا قوله: أن يأخذ قيمة العيب، فهو جار على الأصل لما قدَّمناه من أنَّ المشتري إنَّما يمكن من أخذ قيمة العيب متى لحقه الضرر بخسارة إن ردَّ، وهذا لا يلحقه خسارة في الرد. وهكذا قال أصبغ في أصوله: لا يكون هذا في التقطيع. وأشار إلى ما أشار إليه ابن المواز.
وقد تأوَّل بعض المتأخرين مسألة المدوَّنة على أنه إنَّما اقتصر في الجواب على أحد الموضعين المذكورين في السؤال وهو صباغ الثوب، فإنَّ صباغه قد