للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: لأجل تجويزه أنه قد يريده لزراعة، فكان من حقِّه أن يبين هذا للمشتري لئلًا يقع فيه، ويكون التأثيم من باب وجوب صيانة مال المسلم.

وقد قيل: إنَّ الذي ذكره من الاقتصار على أخذ قيمة العيب إذا لم يعلم البائع أنَّه لا ينبت، إنَّما هذا إذا كان وجود مثل الشعير الذي لا ينبت متعذَّرًا، وأمَّا إذا وجد فإنَّما عليه رد مثله.

وإذا كان لم يشترط أنَّه يريده للزراعة فثبت أنَّه لا ينبت، فإنَّ على البائع قيمة هذا العيب. وإن كان قد يشترى الشعير لغير شيء واحد كما قال ابن حبيب. لكن الإخلال ببعض هذه المنافع ينقص من ثمن الشعير إذا اطلع عليه المشتري.

ولو كان المبيع إنَّّما هو من هذه البذور التي إنَّما تراد لتزرع، لم يفتقر إلى اشتراط المشتري كونه يريدها للزراعة. ويحل العلم بذلك محلّ الاشتراط في شراء الشعير أنَّه يراد للزراعة. فيلزم رد الثمن أيضًا إذا علم البائع أنَّها لا تنبت فدلس بذلك فزرعها المشتري فلم ينبت.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال: إذا اشترى رجل من رجل ثوبًا فتصرَّف فيه المشتري تصرفًا أحدث به نقصًا، فإنَّه لا يخلو أن يكون ذلك النقص مما يصير المبيع كالتالف عينه، مثل أن يشتري ثوبًا فيقطعه خرقًا، أو مما في معنى ذلك مما لا يراد له الثوب غالبًا، فإنَّه إذا فعل ذلك، لم يكن له إلَاّ قيمة العيب، سواءً كان البائع مدلسًا أو غير مدلس. لأنَّه إن كان غير مدلس، فقد فات المبيع عند المشتري، فليس له إلَاّ قيمة العيب. وإن كان البائع مدلسًا، فقد فات المبيع أيضًا عند المشتري بفعله وإتلافه له، فلم يجب على البائع رد جميع الثمن لكونه غير متلف للمبيع. بخلاف ما قلناه فيمن دلس بالإباق فأبق العبد فهلك، فإنَّ البائع يرد جميع الثمن لكون تلف المبيع من سببه.

وأمَّا إن قطعه قطعًا جرت العادة به، مثل أن يشتري مقطعًا فيقطعه ثوبًا، ثُمَّ يطلع على عيب كان عند البائع، فإنَّ المشتري بالخيار كما قدَّمناه بين أن

<<  <  ج: ص:  >  >>