للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أشياخي، رحمهم الله، يرون أنّه لا يتحقّق فرق يقتضي اختلاف هذه الأجوبة في الخمس مسائل. وأنّه يضاف إلى المذهب أنّ الفوت في جميعها الزّهو كما قيل في الرّدّ بالعيب والبيع الفاسد. ويقال في جميعها: إنّما الفوت اليبس كما قيل في الشّفعة والإستحقاق. ويقال في جميعها إنّما لفوت جدّها، كما قيل في التّفليس. وأمّا الإبار فمذهب انفرد وقع في المذهب من غير تخريج.

ومدار هذا الإختلاف اعتبار انطلاق هذه التّسمية عليها، وهي كونها غلّة، هل بالإبار، لكون الخبر الوارد اقتضى الإشارة إلى أنّ الثّمرة تكون مقصودة، ولهذا لم تخرج عن ملك البائع إلاّ باشتراط. وكذلك يجب أن تكون للمشتري إِذا ردّ بالعيب. أو يقال إنّما المقصود طيبها وزهوّها، فحينئذٍ تباع تبعًا عامًّا وتؤْكل تفكهًا. فإِذا صارت إلى هذه الحالة تحقّق كونها غلّة. أو يقال: إنّها لا تدّخر إلاّ إِذا يبست، ولا تتّخذ قوتًا إلاّ حينئذٍ، فلا تكون غلّة إلاّ باليبس. أو يقال: ما دامت لم تفارق الشّجر، فكأنّها جزء منها يجب ردّها معها، كسائر أجزاء الشّجر.

وإِذا قلت إنّ الرّدّ بالعيب كابتداء بيع اقتضى أنّها لا تردّ إِذا أبرت لكون الّذي يردّها كبائع لها. وكذلك إِذا سلكنا هذه الطّريقة في الشّفعة والإستحقاق، لا يتصوّر فيه هذا. وكذلك البيع الفاسد فهذه النّكتة المعتبرة في هذا الفصل وهو الوقت الّذي تكون فيه غلّة.

والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: أمّا ضمان المشتري لهذه الغلّة إِذا وجب عليه ردّها، فإنّه ساقط إِذا لم يجدها وكان هلاكها في شجرها بأمر من الله سبحانه، فإنّه إِذا اشتراها، وهي مأبورة، فاشترط الثّمرة أنّه يجب ردّها عند ابن القاسم، وإن جدها لكونها عنده لها حصّة من الثّمن، على حسب ما قدّمناه. ومقتضى هذا أنّ يكون المشتري ضامنًا لها ,لكونها مبيعة فاتت في يد مشتريها بأمر من الله تعالى، وهو لم يجدّها يقتضي ألا حصّة لها من الثّمن. خلاف ما

<<  <  ج: ص:  >  >>