حيكناه عنه من قوله: إنّه يجب عليه ردّها إِذا فاتت لكونها لها حصّة من الثّمن، خلافًا لما ذهب إليه أشهب. واعتذر بعضهم عن هذا بأنّه إنّما لم يضمنها لكونها غير مقبوضة للمشتري. ولهذا منع أن يشتري النّخل المؤبّرة بطعام تكون الثّمرة يتأخّر قبضها, ولا يجوز التّأخير في بيع الطّعام بالطّعام. وعورض هذا الاعتذار بأنّ هذا يقتضي أنّ يرجع المشتري على البائع بثمنها لكونه ضامنًا لها, ولو هلكت هذه الثّمرة بأمر من الله سبحانه بعد أن جدها البائع لضمنها لكونه قد حصل فيها القبض عن البائع.
وعورض هذا أيضًا بأئها إِذا كان لا حصّة لها من الثّمن، لم يعد ضمان المشتري لها، بل يقضَى له بارتجاع جميع الثّمن إِذا ردّ الشّجر.
وقد قال بعض المتأخّرين: لو اشتراها بعد أنّ أزهت لضمنها، وإنّ لم تفارق الشّجر إِذا هلكت بأمر من الله تعالى. يتبيّن وجهه إِذا تكلّمنا على أحكام الجوائح في الثّمار.
وكذلك مال العبد إِذا اشترطه المشتري، فإنّه إِذا ردّه بالعيب، ردّ معه ماله ولو اكتسبه العبد من غير خراجه. ولو هلك وهو بيد العبد لم يضمنه المشتري بل يقضي له بارتجاع جميع الثّمن. ولو هلك هذا المال بعد انتزاعه لضمنه المشتري لأجل انتزاعه له واستبداده بملكه. وقد كان حصوله على جهة المعاوضة.
وهذا أيضًا يلتفت فيه إلى ما قلناه من كون مال العبد، وإنّ اشترط، لا حصّة له من الثّمن. ولهذا جاز اشتراطه. وإن كان المال مجهولًا وإن كان فيه عبد أبق لمّا لم يقدّر أنّ في الثّمن الّذي بذله المشتري معاوضة على هذا العبد الَابق الّذي في جملة مال العبد. وإن كان قد وقع في الموّازيّة لمالك: إِذا كان في مال العبد جارية حامل، فإنّ البيع جائز. وإن كان ولدها إِذا وضع يبقى للبائع، ولا يدخل في الاشتراط. لأنّ المشتري إنّما اشترط ما يملك العبد وولده ليس بملك له. ووقف ابن الموّاز في هذا السؤال. ولعلّه يفرّق بينه وبين جواز اشتراط ماله وإن كان فيه آبق. لأنّ الآبق الظّاهر عدمه، فلا يقصد إلى بذل ثمنٍ