فالجواب عن السؤال أنّ يقال: أشار القاضي أبو محمّد في هذا الكتاب إلى طرق الإستدلال على حقائق العيب وذكر ما حكيناه. ولكن قد يتداخل ما نوّعه لأنّه ذكر نقص المبيع، وهو إِذا انتقصَ في نفسه انتقصَ ثمنه. وكذلك نقصه التّصرّف أو من تخوّف العاقبة. كلّ ذلك يرجع إلى نقص في الثّمن.
وهذه الحقيقة الّتي يعوّل عليها المحقّقون من أهل المذهب. فكلّ ما نقّص من ثمن المبيع إِذا اطّلع عليه حين العقد، فإنّه إِذا خفي من المشتري، حين العقد، كان له القيام به. لأنّا لو فرضنا أنّه يشتري عبدًا فوجده قد قطعت أنملته، ولم يعلم بذلك، فمانّ الأنملة جزء من أجزائه يقابل مقدارها من أجزاء الثّمن. وهو لم يأخذ عوض هذا الجزء من الثّمن، فكان له في هذا المقدار ألّذي دفعه ولم يأخذ عوضه مقال. وهذا واضح ولا يلتفت فيه إلى تنويع النّقص وتعداده من أيّ جهة كان. لكن إنّما يشكل ها هنا لو اطلع في المبيع على وصف يكرهه النّاس، ولكن لا يحطّون من الثّمن لأجله شيئًا لو علموه، حين العقد، فإنّ هذا قد قال في المدوّنة في كتاب كراء الدّور والأرضين، في ثوب وجد فيه عيب خفيف لا يُنقص من الثّمن، فإنّه لا يردّ به، د ان اعتقد كونه عيبًا، كعبد يباع وبه عيب خفيف، كالكيّ اليسير الّذي لا يحطّ من الثّمن، فإنّه لا يردّ به العيب، وإن كان عند النّخاسين عيبًا. وقال ابن الموّاز: كلّ ما يكرهه النّاس فهو عيب، إِذا اطّلع عليه، يوجب الرّدّ. فأطلق هذا من غير اعتبار يكون هذا الّذي ذكره ينقص من الثّمن.
فظاهر هذا أنّ المسألة على قولين إن لم يحمل قول ابن الموّاز على ما يكرهه النّاس، فإنّه ينقص من الثّمن، ويكون ذكره كراهيّة النّاس له تغنيه عن ذكر كونه ناقصًا للثّمن, لأنّ الغالب فيما يكرهه النّاس أنّه ينقص من الثّمن، لا سيما