إِذا علم أنّه يثني عزيمة المشتري عن الشّراء أنْ لو اطّلع عليه عند العقد. ويكاد ألاّ يتصوّر هذا (١) في صور نادرة. فلو قلنا: إنّ من اشترى مقطعًا قد تهتّكت حواشيه، وهو يعلم أنّه لا ينتفع به إلَاّ إِذا فصل، وحواشيه تخرج في التفّصيل وتطرح. فإذا قد يستثقل وتضعف العزيمة، ولكنّه قد لا يحطّ من الثّمن شيئًا.
أو ما اشتراه من المسائل الّتي يحكي فيها خلافًا. ويشير إلى تعلّقه بهذا الأصل.
لكن لو كان هذا الّذي ذكره من حال المبيع لا يعلم بل يكرهه قوم دون قوم. فإنّ من يعلم أنّه من الصنف الّذي يكرهونه ولهم غرض في ترك شرائه، ويقفون عنه، وينقصون من ثمنه لو اطّلعوا على حالته الآن حين العقد، يكون لهم الرّدّ. وأمّا من يعلم أنّه لا يكره هذه الحالة من المبيع، بل له غرض فيها، فإنّه لا مقال له.
وهكذا كان بعض أشياخي يرى فيمن اشترى عبدًا فاطّلع على أنّه صقلبيّ أو اشترى جارية فاطّلع على أنّها مغنيّة، وهو مِمّن لا يرغب في صقلبيّ ولا مغنية، فإن له الرّدّ بذلك، لكون الصقلبيّ يضعف عن العمل، والمغنيّة لا تستخدم. فإن كان ممن يرغب في ذلك، فلا يكون في حقّه عيبًا يوجب الرّدّ.
وإنّما يبقى النّظر عندي في هذه أنّ من اشتراها وهو من قوم يرغبون في ذلك، قد يقول: قد احتاج إلى بيعها فلا يشتريها منّي القوم الّذي لا يرغبون فيها، ويشتريها من يرغب فيها فيقف عنها أيضًا من لا يرغب فيها.
وقد ذكر أبو حامد الاسفراييني إختلافًا عندهم فيمن اشترى جارية ثيّبًا فإِذا هي بكرٌ، أو اشترى جارية جَعْدة الشّعر فإِذا هي سَبْطة الشّعر. فذكر عن بعض أصحاب الشّافعي أنّه يذهب إلى أنّ له الرّدّ إن اطّلع على أنّ الحال أفضل من الحال الّتي دخل عليها. قال أبو حامد: وهذا غلط لأنّه يقدر على أنّ يبيعها بأكثر من الثّمن الّذي اشتراها به، فأنت تراه كيف أشار إلى تمكّن المشتري من البيع بغير خسارة. وهذا هو المعتبر في حقائق العيوب.
(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إلاّ في صور ...