والجواب عن السؤال الثّانى أنّ يقال: أمّا النّقص في الرّقيق من ناحية الخلق، فإنّ العمى والعور والصُّفرة في العين والبياض عيوب توجب الرّدّ.
وكذلك الصمم والبكم ما لم يكن صغيرًا لا يتبيّن بكمه.
وأمّا سقوط الأسنان فإنّ المذهب اتّفق على سقوط ضرسين عيب يوجب الرّدّ، سواء كان ذلك في عليّ الرّقيق أو وخشه, لأنّ ذلك يمنع من مضغ الغليظ، وتكسير الصّلب، وسرعة الأكل. وأمّا ضرس واحد فعيب في العلِيّة، وليس بعيب في الوخش، إلاّ أن يكون في مقدم الفم، فإنّه يقبّح منظرته. وهذا الّذي حكيناه، من اتّفاق أو اختلاف، المعتمد فيه على ما قدّمناه من اعتبار كون ذلك ينقص من الثّمن أو لا ينقص منه، ولكنّه يكره. وأمّا العمل فعيب في العليات. وأمّا الوخش من الخدم فاختلف قول مالك فيه، فروى عنه ابن القاسم أنّ ذلك عيب، وروى عنه أشهب أنّه ليس بعيب. وقال الشّيخ أبو بكر ابن عبد الرّحمان: محمل هذا عندي على أنّ هذه الحامل من العجم اللّائي جلبن، وأمّا لو كانت من الخدم المقيمات بالبلد لكان عيباَّ, لأنّ هذا العمل لا يخلو أنْ يكون عن زنى أو عن تزويج، وزنى الأمة عيب يوجب ردّها، وكذلك كونها ذات زوج.
وهذا الّذي قاله صحيح. وإنّما يبقى النّظر فيه إِذا كان من زوج ولكنّ الزّوج طلّق أو مات، فإنّ طلاقه لا يرفع العيب. وأمّا موت الزّوج ففي كونه رافعًا للعيب اختلاف سنذكره.
وأمّا كون الأمة زلاّء صغيرة الكفل والرّدف، فإنّه ذكر في المدوّنة أنّه ليس بعيب. واختلف في تعليل ذلك. فأشار ابن حبيب إلى أنّ العلّة في ذلك كونه لا يخفى. وطعن في هذا بعض المتأخّرين بأنّ هذا التّأويل لا يليق بما قاله في المدوّنة, لأنه قال: ليس هذا بعيب. ولو كان إنّما عوّل على أنّه لا يخفى، لكان الجواب أنّ يقول: لا قيام له به، ولم يُجب بأن يقول هذا ليس بعيب. وتأوّله كثير من المتأخّرين على أنّ المراد به أنّ هذا النّقص ليس بفاحش ولا خارج عن