للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مس الرجل دبره. كما قاله الشافعي لأن العموم يقتضيه كما اقتضى مس المرأة فرجها. وأنكر هذا التخريج بعض أصحابنا ورأى أن فرج المرأة تجد اللذة بمسه كما يجد الرجل بمس ذكره. فأجريا في الحكم مجرى واحدًا في تأثيرهما في نقض الوضوء. والدبر لا يمكن أن توجد لذة بمسه على حال. فأشبه الفخذ والساق. وقد روت عائشة أنه عليه السلام قال: "إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ" (١).

والجواب عن السؤال العاشر: أن يقال: أما من انتقض وضؤوه بمس الذكر فصلى ولم يعد وضوءه، فقيل: لا إعادة عليه. وقيل يعيد في الوقت. وهذان القولان مبنيان على أن الوضوء منه غير واجب. *وقيل يعيد أبدًا وهذا مبني على أن الوضوء منه واجب* (٢) وقيل إن فعل ذلك ساهيًا أعاد في الوقت، وإن فعله عامدًا أعاد أبدًا. وهذا مبني على أن الوضوء غير واجب، ولكنه غلظ الحكم مع العمد في الإعادة دون السهو، لأن الساهي معذور، والعامد غير معذور. وهذا الذي ذكرناه (٣) من بناء هذه الأقوال هو الظاهر. وإلا فيمكن أن يخالف كل مجيب أصله مراعاة للخلاف. فيمكن أن يقول من رأى الوضوء واجبًا أنه يعيد في الوقت مراعاة للخلاف. وقال سحنون يعيد -إلا أن يمضي لتلك الصلاة- اليومان فصاعدًا، فلا يعيد. وهذا القول لا معنى له. لأنه راعى طول الزمن (٤) وقدره باليومين والثلاثة وهذا لا أصل له.


(١) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما رجل مس فرجه فليتوضأ. وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ. رواه إسحاق بن راهويه ... وابن الجارود والطحاوي والبيهقي وغيرهم. قال الحازمي هذا إسناد صحيح = الهداية ج ١ ص ٣٦٦/ ٣٦٧. وروى الدارقطني من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويل للذين يمسون فروجهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون. قالت عائشة: بأبي وأمي هذا للرجال. أفرأيت النساء؟ قال: إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة- اهـ. وهذا السند مطعون فيه لأن عبد الرحمن بن عبد الله كذاب. الهداية ج ١ ص ٣٧٧.
(٢) ما بين النجمين ساقط -ح-.
(٣) ذكرنا -ح-.
(٤) الزمان -ح-.

<<  <  ج: ص:  >  >>