للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعارض بما في استحقاق أحد جدرانها الأربع. وإن سلم ذلك فلكون المشتري لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه.

وقيل أيضًا: إنّما الفرق كون الدّار يصلح عيبها بأن توقع (١) حتّى تعود كما كانت أوّلًا قبل أن تفسد، فصار العيب يقدَر على رفعه، فلم يوجب الرّدّ، ولكن أوجب القيمة, لأنّ العيب لا يرفع إلاّ بخسارة. وألزم على هذا أن يكون الثّوب لا يردّ بالعيب لكون الرتق يرفع فساده كما يرفع الترّقيع لِمَا انثلم من الدّار فسادها. فقد صار إلى هذا بعض المتأخّرين ورأى أنّ المقاطع لا ترد بالعيب اليسر. وهذا الّذي ذهب إليه هذا خلاف أصول المذهب وقواعده.

فأنت ترى ما ذكروه من هذه الفروق الستّه وما قدح به فيها. والنّكتة الّتي يحوم عليها الجميع اعتبار الضّرر بالعيب وحصوله، والنّظر في مقداره فيما يخفّ ويكثر.

وقد ذهب بعض الأندلسيين إلى أنّها تردّ بالعيب اليسير كما تردّ سائر السلع. ورأى أنْ لا فرق بين الدّيار والعروض في التّمكين من ردّها بالعيب اليسير. وهذا هو مقتضى القياس والظّواهر. وإنّما سلك الآخرون ذلك لما أشرنا إليه من اختلاف أحوال المبيعات في حكم الضّرر بالعيب ومقداره.

وإذا تقرّر أنّها لا تردّ بالعيب اليسير، فما مقدار هذا اليسير؟ قال بعض الأشياخ هو ما كان لا يأتي على معظم الثّمن. فإِذا أتى على معظم الثّمن، كان ذلك عيبًا كثيرًا يوجب الرّدّ. وقال بعضم: اليسير فيه ما نقص عن الثّلث. وأشار بعضهم إلى اعتبار كون العيب شاملًا لسائر الدّار من جهة التأثير والقصد كبطلان بئرها بطلانًا لا ينصلح، أو ما جلها، أو سقوفها أو قناتها. ورأى أنّ ما كان كذلك يوجب الرّدّ لأنّه كعيب استولى على الكلّ.

والجواب عن السؤال الرّابع أنّ يقال: أمّا ما لا يمكن الإطّلاع على باطنه إلاّ بعد نقض هيئته، كخشب اشتريت فنُشِرت، فوجد باطنها عفِنًا أو مسوّسًا. أو جوزًا وقثّاء وشبه ذلك، فكسر فوجد باطنها فاسدًا. أو جلودًا لم يظهر ما فيها


(١) هكذا ولعل الصواب تُرَقَّع.

<<  <  ج: ص:  >  >>