إلَاّ بعد دبغ أو قطع، فإنّ عن مالك في تمكين المشتري من الرّدّ بهذا العيب روايتان. وكذلك للشّافعي في ذلك قولان. وبإثبات الرّدّ قال أبو حنيفة.
والمشهور عن مالك وأصحابه ألاّ ردّ بهذا العيب. لكن حكى القرويون عنه روايتين. وكذلك قال الأبهري: إنّ المدنيين من أصحاب مالك رووا عنه إثبات الرّدّ بهذا العيب، منهم المغيرة وغيره. وذكر ابن حبيب أنّ هذا إنّما يمنع به الرّدّ إِذا كان عيبًا في أصل الخلقة. وأمّا إِذا كان حدث بعد الصحّة وسلامة الخلقة، كعفن وشبهه حدث بعد الصحّة لسبب اقتضاه، فإنّه يجب به الرّدّ. وحمل بعض الأشياخ هذا على أنّه قول ثالث في المذهب. وما أراه كذلك لأنّ ابن حبيب أشار إلى أنّ هذا الّذي حدث مِمّا يعلمه قوم ويجهله آخرون، والكلام في هذه المسألة إنّما صوّرناه فيما يستوي المتبايعان في الجهل به ولا يمكن أحد معرفته، لا سيما وهذا الحادث بعد الصحّة ربّما كان عن سبب يعلمه البائع، مثل وضعه الخشب في مكان يظنّ من جهة العادة أنّه يفسدها.
فإِذا تحقّقت الخلاف في هذا فسببه أنّ من نفى الرّدّ بهذا، قال: لم يزل الأمر جاريًا في سائر الأمصار على مرور الأعصار ببيع الدّيار مع كون باطن بنيانها مستورًا عن عين النّاظر لها. وقد يكون بحجر مكسور أو صحيح ولا ينكر هذا منكر. فاقتضى هذا وقوع العقد على ظواهر الأمور دون بواطنها. وهذا الاعتلال قد يجاب عنه بأنّ هذا غرر غير مقصود، ولا يقدر على رفعه. ولو اطّلع على أنّ البناء الباطن بخلاف ما جرت به العادة مِمّا يعلم أنّه لا يدخل عليه المشتري لكان له بذلك مقال. وقد ذكر ابن الموّاز عن مالك إشارة إلى قريب من هذا المعنى. فذكر عنه أنّه قال: هذا الأمر ثابت، عليه يدخل البائع والمشتري، والتبايع على ذلك وقع. وهذه منه إشارة إلى أنّ هذا العقد وقع بالبراءة من هذا العيب الباطن، وسومح فيه بالبراءة للضّرورة إلى ذلك، وكونه غررًا غير مقصود.
وأمّا من أثبت الرّدّ، فإنّه يقول: مطلق العقد يقتضي سلامة المبيع من