وقد اختلف النّقلة في قوله: وحرّيتهنّ. فقال سحنون: وحرّيتهن معنى سرقتهنّ أنهنّ يسرقن وهنّ أحرار. وهذا التّأويل يكون مؤكّدًا لرّواية من روى وحرّيتهنّ.
وقد قيل للشّيخ أبي بكر بن عبد الرّحمان: إن النّصرانيّة عند أهل صقليّة أعلى ثمنًا من المسلمة. فقال: إِذا اشترط كونها نصرانيّة فوجدها مسلمة والأمر كذلك عندهم، فإنّ له الرّدّ، وأنا أستعظم أن أجعل الإِسلامَ عيبًا. وهذا الّذي قاله طرد ما قدّمناه من الرّواية في أنّ من وجد أفضل من شرطه لا ردّ له إلاّ أن يكون له غرض فيما اشترط.
وقد ذكر في المدوّنة أنّ مالكًا سئل عن رجل اشترى أمة ليتخّذها أمّ ولد فوجدها عربيّة، فأراد ردّها، واعتلّ بأنّه إِذا أعتقها جرّ العرب ولاءها, ولم يكن ولاؤها لولده. فلم يرَ له مالك هذا يوجب الدّدّ ولم يعذره به. واعتذر المتأخّرون عن قوله: جرّ العرب ولاءها، فقالوا: المراد به ميراثها، وأخذ ما تترك من مال. وأمّا الولاء فلم يجرّه عن العتق أحد، إلاّ في بعض الصّور الّذي نذكر في كتاب الولاء.
واختلف المتأوّلون فيما اعتلّ به السائل لمالك، فقال المغامي: مراد السائل أنّها إِذا كانت عربيّة، فإنّها تنسب للقبيلة الّتي هي منها، وتشتهر بذلك حتّى يندرس كون هذا الّذي أعتقها يستحق ولاءها.
وقال بعض الأشياخ: إنّما المراد أنّ الغالب وجود عاصب لها يرثها بالنّسب، والنّسب مقدم على الولاء، لكون العربيّة يحتفظ على نسبها ويعلم أصلها، بخلاف العجميّات اللاّتي لا يعرف لهنّ جدود أسلاف.
وقيل أيضًا إنّ مراد السائل أنّه يعلم أنّ لها عاصبًا جهل أمره فلا تورث بالولاء، ويتصدّق بمالها كما يتصدّق باللّقطة الّتي جهل مالكها، واعتقد السائل غلطًا منه أنّ هذا هو الحكم، فردّ عليه مالك غلطه وأخبره أنّ هذا ليس بعذر.