للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيوبًا سترت عنه، وستظهر له في ثاني حال.

وأمّا إطلاق الرّواية بأنّه إِذا علم بالتّتريب فلا ردّ له، فإنما ذلك إنّما صار إليه لأجل هذا العيب الّذي تخشى عاقبته.

لكن استدرك ابن الموّاز في هذه الرواية أنّ له الرّدّ بعيب يَظْهَر يمكن أن يكون رأى أنّ ذلك، وإن دخل عليه المشتري، كالبراءة من العيب، والبراءة من العيوب في العروض لا تصحّ، ولا يصح العقد على أنّ المشتري لا قيام له بالعيب متى ظهر له. وهذا وإن (١) لم يكن البائع عالمًا بالعيب. وأمّا إِذا كان عالمًا به، فلا تصحّ البراءة منه ومن سائر العيوب على الإجمال.

ومن الغشّ أيضًا خلط طعام جيّد برديء، كخلط تمر جيّد برديء، أو عسل جيّد برديء، أو لحم هزيل بسمين. ويُنهَى الجزّار عن خلط اللّحم الجيّد بالرّديء. وإن نقص له ذلك. فإن اشترى مشترِ منهم على ذلك، فإنّ البيع ماضٍ فيما قلّ كأرطال يسيرة، وأمّا أرطال كثيرة كعشرين أو ثلاثين، فإنّ ذلك لا يجوز حتّى يعلم مقدار السمين من الهزيل. وإنّما فرّق بين اليسير والكثير في هذا لأن اليسير يفرز حميده ورديه، ويعلم فيه أحدهما من الآخر على جهة التّخمين، بخلاف ما كثر من ذلك.

ويتصدّق بما قلّ من لحم أو طعام إِذا كان يسيرًا عقوبة في المال مع الأدب. بخلاف الكثير الّذي يشتدّ الضّرر بإتلافه على صاحبه ويباع عليه مِمّن يؤمن أن يدلّس به، ويعاقب من غشّ بضرب أو حبس أو إخراج من السوق إِذا كان معتادًا لذلك.

وقد قال مالك في الموّازيّة فيمن يفجُر في السوق ينبغي أن يُخرج، فهو أشدّ عليه من الضّرب. والتّحقيق في هذا صرف العقوبة إلى الاجتهاد في جنسها ومقدارها لاختلاف موقعها في العصاة.

والجواب عن السؤال الثّاني أن يقال: لا يخلو العيب من أن يكون


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب حذف الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>