للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتي ببيّنة بمشاهدته (١) إن كان مشاهدًا أو بالبيّنة إن كان غير مشاهد. ثمّ لا يخلو أن يكون مِمّا لا يحدث عند المشتري أو يكون مِمّا لا (٢) يعلم أنّه لم يكن عند البائع. والقول في الموضعين قول من قوي سببه منهما مع يمينه. أو يكون محتملًا، فالقول قول البائع مع يمينه، إلَاّ أن ينكل فيحلف.

قال الإِمام رحمه الله: يتعلّق بهذا الفصل ثلاثة أسئلة. منها أن يقال:

١ - لم حرم على البائع أن يكتم عيبًا بالمبيع؟

٢ - وما حكم التّداعي في العيوب؟

٣ - وما صفة اليمين في التّداعي؟

فالجواب عن السؤال الأوّل أن يقال: قد قدّمنا الدّلالة على منع التّدليس.

وتكلّمنا على قوله عليه السلام: "من غشنا فليس منّا" (٣). وذكر ما قيل في تأويل هذا الحديث من أقوال كثيرة.

والغشّ هو كتمان العيب، والتّدليس، والتغرير بالمشتري فيه. وذلك مِمّا لا ينحصر. لكن منه أمور ظاهرة لا يحتاج إلى تبيينها، ومنه ما يفتقر إلى تبيينه.

مثل ما وقع في الرّواية من منع الفّرايين من أن يُتَرِّبوا وجوه الأفْرية ليتزيّن ويستر ذلك عيوبها. وهذا التّحسين ربّما اعتقد المشتري أنّه صفة ثابتة لها في الأصل غير مصنوعة. وربّما اعتقد أنّ ذلك لا يستر عيبًا فيرغب المشتري، فهذا من الغشّ. لكنّ البيع إِذا وقع والمشتري عالم بأنّه قد ترّبها بائعها، فلا ردّ له.

وقال ابن الموّاز: إلاّ أن يكون اطّلع على عيب، فإن لم يكن علم بأنّها مترّبة، فله الرّدّ قبل أن يطّلع على عيب.

وهذا الّذي قاله تمكينه من الرّدّ قبل ظهور عيب يوجب الرّدّ إِذا لم يعلم بكونها مترّبة، إنّما صار إليه لأجل أنّ المشتري يكره التّمسك بها مع كونه يجوّز


(١) في غ والغاني: دون أن يبيّنه بالمشاهدة.
(٢) (لا) ساقطة في غ، والغاني.
(٣) إكمال الإكمال ج١ص٢١٠/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>