للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرنا أيضًا أنّ إطلاق العقد على الأمة لا يتضمّن بكارة أو ثيوبة، ولا ردّ له إِذا وجد الأمة ثيّبًا، وقد وقع العقد مطلقًا. لكن وقع في الرّواية أنّه من اشترى سمنًا فوجد سمن بقر، فقال: إنّما أردت سمن غنم، أنّه يردّ ذلك لكون سمن الغنم أطيب.

وهذا الّذي قاله كأنّه يشير إلى خلاف ما قدّمناه, لأنّه لم يجعل الثيّوبة عيبًا مع كون البكارة أفضل، وجعل كون السمن سمن بقر يقتضي الرّدّ إِذا كان سمن الغنم عندهم على مقتضى عرفهم أفضل. لكن قد يقال في هذا: إنّ الثّيوبة هي الغالب، وعليها يدخل المتعاقدان، ألا ترى أنّه لو كانت الأمة من صغر السنّ بحيث ما (١) الظّاهر من حالها البكارة، أنّ للمشتري مقالَا إِذا وجد ثيبًا. وأمّا السمن فلعلّه اعتقد أنّ سمن الغنم هو الغالب عندهم وعليه دخل المشتري، فلهذا جعل له الرّدّ.

ووقع أيضًا في الرّوايات فيمن اشعرى، قلنسوة سوداء، فوجدها ركبت من ثوب ملبوس، أنّه لا مقال له إلاّ أن تكون ركبت من ثوب خلق. وقال، فيمن اشترى جبّة ركبت من ثوب لُبِس أسمر ثمّ بُيض، وركبت منه الجبّة، إنّ هذا عيب.

وهذا أيضًا أشار بعض الأشياخ إلى أنّه اختلاف قول، ويمكن أن يكون العذر عن هذا أنّ القلانس تركب عندهم غالبًا من ثياب ملبوسة ولا تركب الجبّة والثّوب من ثياب ملبوسة. وهكذا أيضًا قال، فيمن وجد قلنسوة حشوها صوف أو قطن جديد وقديم: إنّه لا يردّ المشتري بذلك إِذا لم تكن رفيعة. وهذا أيضًا لكون العادة تقتضي عندهم حشو الدنية بمثل هذا، بخلاف الرّفيعة. وهذا يشير إلى ما أصّلناه من اعتبار النّطق المشترط به صفة في البيع أو عرف يقوم مقام النّطق.

قال القاضي أبو محمّد رحمه الله؛ ولا يجوز لبائع السلعة المبيعة أن يكتم عيبها لأنّ ذلك غشّ. ولا يقبل دعوى المبتاع إن بان (٢) بالسلعة عيبًا دون أن


(١) (ما) مثبتة في النسختين، والأولى حذفها.
(٢) هكذا في النسختين. وفي غ والغاني: أن بالسلعة عيبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>