للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري قبض المبيع مصدّقًا للبائع أنّه من الجنس الّذي اشترط. فيكون البائع هو المدّعي والمّدعي إلزام المشتري البيع، فلا يصدق إلَاّ بإثبات. وأمّا لو قبضه مصدّقًا للبائع أنّه على الصّفة الّتي اشترط، لكان المشتري ها هنا هو المدّعي، والمدّعي لحلّ منعقد يكون عليه الإثبات.

وقد قدح في هذا الّذي أصّلناه بأنّ اختلاف الشّهادة والشّكّ في حصول العيب عيب، د ان لم يكن العيب متحقّقًا، لكون النّاس يجتنبون في المبيع ما التبس أمره ويقفون عن شرائه. وقد كنّا قدّمنا أنّ الأمة إِذا ادّعت أن سيّدها أَوْلَدها أو أعتقها, ولم يثبت لها ذلك، وباعها سيّدها مِمّن لا يعلم دعواها هذه، أنّ ذلك عيب، لكون النّاس يجتنبون شراء ما وقع فيه هذا الشّكّ والالتباس.

ولكن العذر عن هذا أنّ هذه الشّكوك حدثت بعد انعقاد العقود وانبرامها فلم يؤثّر في المنعقد شكّ حدث بعد انعقاده بخلاف شكّ يحدث ويثبت حصوله بعد (١) انعقاد البيع.

وأمّا العيب (٢) من ناحية زمن العيب، فإنّ البائع والمشتري لو اختلفا في زمن عقد البيع في المحرّم. مثل أن يقول البائع: لم يكن في المحرّم انعقاد البيع، ويقول المشتري: بل كان انعقاد البيع فيه، فإنّ أصبغ ذكر أنّ القول قول البائع، لأنّ المشتري يدّعي تاريخًا يوجب نقض البيع المنعقد. وساوى بين أن يكون المشتري نقد الثّمن أو لم ينقده. وأشار إلى المسألة الّتي اختلف فيها ابن القاسم في أحد الثّوبين إِذا فات، وردّ الآخر بالعيب، واختلفا في قيمة الفائت. وقد ذكرنا مذهب ابن القاسم في التّفرقة فيها بين أن يكون البائع انتقد الثّمن أو لم ينتقده.

وهذا الأصل في اختلاف التّواريخ الّتي يختلف الضمان باختلافها مختلف فيه، سنتكلّم عليه في اختلافهما في العهدة وغيرها.

وإذا تقرّر هذا، فإنّ العيب المشكوك فيه وإن لم يوجب الرّدّ، فإنّه يوجب


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عند.
(٢) هكذا في النسختين ولعل الصواب وأما الاختلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>