للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفي التّدليس لتثبت له غرامة. وأمّا إن أراد المشتري التمسّك وأخذ قيمة العيب، يجب (١) على البائع، سواء دلّس أو لم يدلّس. فلا فائدة في استحلافه على أنّه لم يدلّس، والأيمان إنّما تتعلّق فيما يفيد المدّعي. وهذا مثل ما يقال فيمن ملك زوجته، فقضت بالثّلاث، فناكرها في عدد الطّلاق وزعم أنّه أراد تمليكها طلقة واحدة، فإنّ القول قوله مع يمينه، ولكن (٢) يستعجل استحلافه عند المناكرة، إلاّ إِذا أراد الرّجعة وإستباحة الزّوجة فيمنع من ذلك حتّى يحلف، على ما سنبسطه في موضعه إن شاء الله تعالى.

والجواب عن السؤال الثاّلث أن يقال: إذا ثبت قدم العيب، لم يحلف المشتري إِذا ردّ لثبوت ما يستحلف عليه وهو قدم العيب. وقد قدّمنا فيما سلف أنّ العيب القديم يوجب الرّدّ ولو كان عيبًا ظاهرًا. قال ابن الموّاز: طال الزّمان أو لم يطل. وذكرنا أنّه لا يمين. وإنّ القول الآخر استحلاف المشتري في هذا العيب إِذا كان ظاهرًا.

وأمّا العيب المشكوك فيه، فإنّه إن كان خفيًّا، استحلف البائع على العلم، ويكتفَى بذلك, لأنّ قصارى ما فيه أنّه إِذا كان ظاهرًا، فإنّ البائع عالم به. وهو إِذا قال في يمينه: إنّي لم أعلم به، فقد كذب وفجر في يمينه. والأيمان إنّما وضعت لزجر الفاجر عن يمينه الكاذبة. وقال ابن القاسم: بل يحلف في العيب الظّاهر على البتّ, لأنّ الأظهر أنّ البائع لا يخفى عنه العيب الظاهر، وإِذا كان لا يخفى عنه، حلف على القطع: أنّه لم يكن عنده.

والأصل في هذا أنّ كلّ من استحلف على إثبات فعل فعله هو أو فعله غيره، فإنّه يحلف على البتّ والقطع. لكونه يعلم فعل نفسه، ويعلم فعل غيره إِذا شاهده ورآه. وكلّ من استحلف على نفي فعل، فإن كان فعل نفسه حلف على البتّ لأنّه يعلم ما فعل وما ترك. وإن استحلف على أنّ غيره لم يفعل، حلف على العلم. لأنّه لا يمكن في غالب الأمران يقطع على غيره أنّه لم يفعل


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فيجب.
(٢) هكذا في النسختين ولعل الصواب لا يستعجل

<<  <  ج: ص:  >  >>