للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا إلاّ في صور نادرة بتقييد وتحديد.

وذهب ابن نافع في المدوّنة إلى أنّه يحلف على البتّ. ولم يفترق بين عيب خفيّ أو ظاهر. واحتجّ بأنّه لو ثبت قدم الغيب والبائع غير عالم به، لم يسقط حقّ المشتري في الرّدّ كونُ البائع لم يعلم بالعيب. وإِذا كان الأمر كذلك، فلا يجزيه أيضًا أن يقتصر على نفي علمه بالعيب لما قدّمناه من كون عدم علمه بالعيب لا عذر له به إِذا قامت البيّنة.

وهذا الاحتجاج يجاب عنه بأنّ البيّنة إِذا ثبتت عدم (١) العيب فقد ثبت السبب الموجب للرّدّ ووجب حلّ البيع المنعقد.

وإِذا لم يثبت العيب وكان مشكوكًا فيه، لم يجب حلّ البيع المنعقد يكون البائع غير عالم بالعيب. فهذا وجه هذه الأقوال الثّلاثة في العيب المشكوك فيه، تحليف البائع على البتّ في الوجهين، أو على العلم في الوجهين، أو تفرقة ابن القاسم بينهما.

ولو نكل البائع عن اليمين فإنّ المشتري يحلف أنّ ذلك لم يكن عنده ويردّ البيع.

واختلف قول ابن القاسم في صفة يمينه. فقال مرّة يحلف على حسب ما كان يحلف البائع في اليمين الّتي ردّها عليه إن كان العيب ظاهرًا، حلف على البتّ، وإن كان خفيًا، حلف على العلم. وهذا يشير إلى اختلاف قوله في صفة يمين البائع أيضًا. وأنّه قد يرى تحليف البائع في الوجهين على أنّه لم يعلم العيب على حسب ما قاله ها هنا في المشتري. ويكون هذا موافقة منه لما حكيناه عن أشهب أنّه يفرّق بين البائع والمشتري، ولا يقول في البائع أنّه يحلف في الوجهين على العلم لأجل أنّ العيب من جهته، ويمكن أن يكون دلّس به، فكان العمل عليه بأن يحلف على البتّ أوْلى من أن يحمل بذلك على المشتري.


(١) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: قِدَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>