الذّمّة، وجب اعتبار مقدار العيب من قيمة العيب (١) نفسه. وأنكر الشّيخ أبو محمّد بن أبي زيد هذا القول وقال: لم يجعله قبض بعض سلمه، فيرجع شريكًا، كما قال سحنون، ولم يقبض شيئًا منه فيردّ قيمة ما قبض ويرجع بعبد كامل. وقد ذكر في المدوّنة فيمن باع سلعة بمائة دينار، ثمّ أخذ عن ثمنها سلعة أخرى فوجد بالسلعة الثانية عيبًا، أنّه إنّما يردّ هذه السلعة الثّانية بالعيب. وتبقى المائة دينار ثابتة في ذمّة المشتري يطالبه بها بائع السلعة الأولى. قال: وهذا ما لا اختلاف فيه. وهو كمن باع طعامًا فأخذ بثمنه طعامًا، فإنّ الفسخ إنّما يكون في السلعة الأخيرة.
وهذا الّذي أشار إليه في الاقتضاء من ثمن الطّعام طعامًا قد كنّا نحن تكلّمنا عليه وذكرنا الاختلاف في بياعات الآجال إِذا باع سلعة بثمن مؤجّل ثمّ اشتراها بثمن نقدًا أقلّ مِمّا باعها به، أنّ البيعتين جميعًا يفسخان على أحد القولين على التّفصيل الّذي قدّمناه، من تهمتهما على أنّ الثّمن لغو عندهما، وإنّما دفع دنانير سلفًا ليردّ إليه دنانير أكثر منها قياسًا أيضًا على الأخذ من ثمن الطّعام طعامًا. ولو كان العيب وجد في السلعة الأولى، كان أيضًا الثّمن الّذي هو مائة دينار ثابتًا. لأنّ استحقاق السلعة الأولى إنّما يقتضي استحقاق ثمنها، واستحقاق الثّمن لا يوجب بطلان البيع، على ما سنبسطه في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال القاضي أبو محمّد رضي الله عنه: وإِذا رضي المبتاع بالعيب لم يكن له ردّه. وكذلك إِذا تصرّف في المبيع أو استعمله بعد علمه بالعيب، كان ذلك رضي منه، ولم يكن له الرّدّ. فإن تصرّف مضطّرًا، ففيها روايتان.
قال الإِمام رحمه الله: يتعلّق بهذا الفصل ثلاثة أسئلة. منها أن يقال:
١ - هل يمكّن المشتري من التصرّف في المبيع المعيب إِذا علم بعيبه أم لا؟