للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الثّمن الّذي عقده به البيع. وكذلك ينسب منه أيضًا قيمة العيب الحادث عند المشتري. فلو كان الثّمن ليس بمال معلوم مثل أن يتزوّج امرأة بعبد فيموت في يدها بعد أن اطّلعت فيه على عيب، فإنّ الرّجوع لها بمقدار العيب إنّما ينسب من قيمة العبد لمّا كان ثمنه البضع الّذي هو ليس بمال معلوم.

وقد اختلف المذهب فيمن أسلم في عبد فلمّا قبضه اطّلع على عيب فيه وقد فات في يده، فقال ابن القاسم: يغرم قيمة هذا المقبوض ويرجع العبد الّذي كان له في الذّمّة. وقدّر أنّ هذا المقبوض لمّا كان معيبًا، صار كأنّه كجنس آخر غير الّذي له في الذّمّة. فإِذا علم بعد أن أخذه أنّه كجنس آخر، وقد فات في يديه، فإنّه يردّ قيمة ما فات في يديه، ويرجع بعبد سليم من العيب على ما كان له ذلك في ذمّته. ورأى سحنون أن يعتبر مقدار هذا العيب من العبد المقبوض، فإن كان ربعه رجع على المسلم إليه بربع عبد على ما كان له في ذمّته. وقدّر أنّ ثلاثة. أرباع العبد قد قبضت، وهي غير ما كان في الذّمّة، والرّبع الآخر كأنّه استحقّ من يديه، فيرجع بمقدار ما استحقّ من يديه شريكًا به في عبد، وكأنّه لم يعتبر ضرر الشّركة فتمسّك بالحقّ في العين. وابن القاسم اعتبرها فأوجب غرامة قيمة العبد المعيب والرجوع بعبد سليم كامل.

وقد كنّا نحن أشرنا في تعدّي الوكيل إلى اعتبار نقص في بعض صفات الشّيء، هل يصيّره ذلك كجنس آخر لمّا انقضت صفته، أو يبقى ما سوى النّقص كأنّه العين السالمة من النّقص. وهذا قد يتصرّف (١) في هذه المسألة أيضًا.

وذهب ابن عبد الحكم إلى أنّه إنّما يرجع قابض هذا العبد من سلم بمقدار العيب من قيمة العبد. فيقال: ما قيمة العبد سليمًا؟ فيقال: مائة (٢) دينار. ثمّ يقال: ما قيمته معيبًا؟ فيقال مائة دينار. فيرجع قابض العبد بمائة دينار. وهذا مثل ما قدّمناه نحن في العبد الّذي جعل صداقًا فاطّلع فيه على عيب بعد أن فات لمّا كان ليس لهذا العبد الّذي هو الصّداق ثمن معلوم. فكذلك ها هنا لمّا لم يجب الرّجوع بمقدار العيب من رأس مال السلم، لكون العبد المسلم فيه في


(١) هكذا ولعل الصواب يتصور.
(٢) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مائتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>