للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويردّ البيع. وهاهنا إِذا نكل البائع وتعلّق للمشتري حقّ بنكوله فلم يحلف، بقي البيع على ما كان عليه منعقدًا وبقي موقوفًا على معاودة المشتري إلى اليمين الّتي نكل عنها. لكن أيضًا قد يتعلّق للبائع حقّ في إقرار البيع على ما هو عليه. وهذا يستقصى في أحكام الأيمان والنّكول في موضعه إن شاء الله تعالى.

وذكر ابن المواز أنّ السلعة إِذا باعها رجل من آخر ثمّ اشتراها بائعها مِمّن اشتراها منه. فلمّا صارت في يديه وعادت إليه، ظهر فيها عيب مشكوك فيه، أنّ البائع الأوّل يحلف ويبرأ من هذا العيب. فإن نكل حلف المشتري وردّ البيع.

ومعنى ردّه ها هنا أن يستردّ منه بقيّة الثّمن إِذا كان مشتريها قد باعها من بائعها بأقلّ مِمّا اشتراها منه.

وأنت إِذا تأمّلت ما أصلنا لك من كون البيع المنعقد لا ينحلّ بالشّكّ. والقول فيه قول البائع استصحابًا لحال الانعقاد، وأنّ من كان ذمّته برية من غرامة، فإنّه لا يغرم بالشّكّ، علمت ما يتفرعّ من وجوه هذه المسألة، وحكم كُلّ قسم منها، وأنّ زيدًا إِذا باع من عمرو سلعة بمائة دينار، ثمّ رجع زيد فاشتراها من عمرو بثمانين دينارًا، فظهر فيها عيب مشكوك فيه وهي بيد زيد، فإنّ هذا العيب إِذا شكّ فيه هل كان عند زيد قبل أن يبيعها من عمرو أو حدث عند عمرو قبل أن يبيعها من زيد، فإنّ عمرًا لا يردّ عليه بالشّكّ هل كان هذا العيب عنده أم لا؟ وكذلك لا يطالب عمرو وزيدًا بأنّ يردّ عليه عشرين دينارًا بقيّة الثّمن بالشّكّ، هل كان العيب عند زيد قبل أن يبيعها من عمرو، فيكون من حقّ عمرو أن يردّها على زيد بالعيب، وهي قد رجعت إلى يد زيد فيطالبه عمرو ببقيّة الثّمن؟ فإِذا تبعت هذا الأصل، علمت هذا الشّكّ لو شكّ في هذا العيب، هل كان عند زيد قبل أن يبيع من عمرو، أو حدث عنده بعد أن اشترى من عمرو أو حدث عند عمرو وتعلّق اليمين بهما جميعًا، إِذا طلب أحدهما حلّ البيع على مقتضى دعواه، وطلب الآخر إكمال الثّمن على مقتضى دعواه؟ وقد تقدّم الكلام على من وجد عيبًا بمكيل أو موزون وقد أفاته وأتلف عينه. وذكر الخلاف فيه هل يردّ المثل أو يخيّره بين ردّه أو يأخذ قيمة العيب. وذكر أنّ قيمة العيب ينسب

<<  <  ج: ص:  >  >>