للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يثبت الحكم فيها إلاّ بإنفاذ حاكم له، يرفع بحكمه هذا الاختلاف الّذي أشرنا إليه.

وأصحابنا وأصحاب الشّافعي يناقضونه في هذا الّذي قال بتسليمه وقوع الفسخ بقول المشتري: فسخت البيع، إِذا كان لم يقبض المبيع. وما اعتلّ به يتصوّر قبل القبض وبعد القبض، وكون المبيع مستقرًا بعد القبض استقرارًا متمكّنًا.

وقد كثر التّنازع في مسائل خلافية، هل يفتقر إلى حكم أم لا؟ كما اختلف عندنا فيمن مثّل بعبده، هل يفتقر عتق العبد إلى حكم أم لا؟ إلى غير ذلك من المسائل.

ويقول أصحاب أبي حنيفة في مسئلتنا هذه يفتقر الفسخ بالعيب إلى حكم.

كتخيير الأمة المعتقة تحت عبد لأجل ما طرأ عليها من عيب في هذا النّكاح، مع اختلاف النّاس في اشتراط العبوديّة في الزّوج، أو إثبات تخييرها ولو كان الزّوج حرًا.

والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: إِذا وقَّف البائع المشتري على عيب، عيّن موضعه، وأراه إيّاه، وأعلم جنسه ومقداره ظاهرًا وباطنًا، وعقد البيع على ذلك، فلا إشك الذي كون هذا رضي به. وأمّا إِذا لم يكن الأمر كذلك ولكن اقتصر في رؤية العيب على مشاهدة لا تقتضي الإحاطة به، أو تبرأ إليه منه بخبر ولفظ وفيه احتمال، فإنّه إِذا باع منه دابّة ولها دبرة، فأراه البائع الدّبرة، ولم يحط المشتري علمًا بباطنها، وظهر من باطنها ما لم يُنْبِ عنه ظاهرها، فإنّ البائع إِذا كان عالمًا بذلك، ولم يبيّنه، كان للمشتري الرّدّ به، لكون البائع كالمدلّس، ومن دلّس بعيب ردّ عليه به. وإن كان البائع لا يعلم باطنها وإنّما يعلم منها ما يعلم المشتري، فإنّه يجري ذلك على حكم العيب الباطن في الخشب وما في معناها. وقد كنّا قدّمنا اختلاف قول مالك فيها، وإنّ المشهور من المذهب ألاّ ردّ بذلك.

وهكذا ذكر ابن حبيب عن أصحاب مالك في هذا الوجه إِذا استوى علم البائع والمشتري بباطن هذه الدّبرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>