وعارضه بعض المتأخّرين فناقضه بقوله في الخشب إنّما لا يردّ بالعيب الباطن إِذا كان ذلك من أصل الخلقة، أو حدث بعد الخلقة، لكون ما حدث بعد الخلقة قد يعلمه قوم دون قوم (أم لا)(١)؟ هذا إِذا اقتصر في التبرّي من هذا العيب على النّظر.
وأمّا إن اقتصر فيه على الخبر مجملًا، مثل أن يقول البائع: أبرأ إليك من دبرة بظهر هذه الدّابّة. والدّبر يختلف، فإنّ مذهب ابن القاسم صحّة هذا البيع، وكون البراءة لا تتضمّن إلاّ اليسير من هذا العيب.
وذهب أشهب أنّ البيع فاسد.
وكذلك لو برىء من كيّ بالعبد، فإنّ الخلاف فيه على حسب ما ذكرناه.
ومقتضى هذا أن تكون البراءة من الإباق مجملًا تقتضي فساد البيع على رأي أشهب. لكن ذكر ابن الموّاز عن أشهب أنّه وافق ابن القاسم في الإباق، وأنّ البيع لا يفسد ويبرأ من الإباق اليسير. فإن كان إلى موضع بعيد أو أبق مرّتين، فإنّ المشتري له الرّدّ. قال ابن الموّاز: ومذهب ابن القاسم أحبّ إلينا، وقد أضعف أشهب جوابه لِما قال في الإباق.
وأشار بعض الأشياخ إلى أنّ هذا اختلاف من قول أشهب. وكان بعض أشياخي يرى أنّ هذا اللّفظ إن تفاهما منه العيب اليسير، فإنّ البيع لا يفسد ويبرأ البائع من اليسير.
ولا يحسن الخلاف في هذا كما لو صرّح به. وإن تفاهما إلزام البيع المشتري، على أيّ حال كان العيب من عظم وصغر يختلف فيه الثّمن اختلافًا كثيرًا، فإنّ هذا يفسد به البيع. ولا يحسن أيضًا الخلاف في هذا. فهذا حكم الاقتصار من عيب على نظر أو خبر.
والأظهر في الرّوايات جواز الاقتصار فيه على خبر يتضمّن حقيقة. وإن