العيب. ومن علم بالعيب لا تنفعه البراءة مطلقة، كما قدّمناه.
وتعقّب هذا بأنّ قوله: تبرأت إليك منها، تضمّن أنّه عالم بهذا العيب.
ومن علم بالعيب لا ينفعه البراءة مطلقة، كما قدّمناه.
وتعقّب هذا بأنّ قوله: تبرأت إليك منها، يحتمل أن يكون أراد أنّ البراءة العامّة تبريني منها، كما تبرّأت إليك منها، تخصيصًا لها بالذّكر.
وكذلك أيضًا وقع لسحنون فيمن قيم عليه بعيب في جارية فقال: بعتها بالبراءة، فأنكر المشتري ذلك، فصدّق المشتري، وقَضَى بأنّ القول قوله، وردّ الجارية، فقام بائعه منه الّذي ردّت عليه على من باعها منه هو أيضًا. فقال له البائع الأول: أنت زعمت أنّك بعتها بالبراءة من هذا العيب، وأنّ هذا الّذي ردّها عليك ظلمك فردّها عليك، ولا سبيل لك إلى ردّها عليّ، وقد أقررت بأنّها ردّت عليك بغير حقّ. فقال سحنون: له أن يردّها على البائع لكون البيع قد انتقض.
وكذلك يحلّ وطؤها بهذا الرّدّ، كمختلفَيْن في ثمن جارية، فتحالفا وتفاسخا، فإنّ للبائع وطء الجارية إذا تفاسخا فيها وتحالفا، وإن كان يعتقد أنّ مشتريها قد ظلم في ردّها.
وهذا قد سبق نحن كلامنا على هذه المسألة في اختلاف المتبايعين.
وإذا اشترى رجل عبدًا بالبراءة ثمّ باعه على العهدة، فإن للمشتري مقالًا في هذا البيع ونقضه, لأنّه يعتلّ بأنّه قد يطّلع على عيب يجب له من أجله ردّ هذا العبد بالعيب، فيجد البائع مفلسًا، فيكون من حقّه أن يردّ على من باع ذلك منه، فلا يمكنه لكون البيع الأوّل عقد على البراءة.
وخرج على هذه الرّواية ثبوت مقال لمن اشترى عبدًا من رجل وهب له ذلك العبد، لأجل أنّه يعتلّ المشتري أيضًا بأن يقول: قد يستحقّ العبد من يدي، فيجب لي الرّجوع على من باعه منّي فاجده مفلسًا، فلا يكون لي سبيل إلى الرّجوع على من صار إليه ذلك العبد منه، لكونه أخذ هذا العبد هبة لا عن معاوضة.