سالم بيّنا (١) صحّة العقد. وإن ذهبت وهو معيب بيّنا (١) أنّه عقد غير لازم للمشتري، فإنّ هذا يخرج على طريقة أخرى.
والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: أمّا العهدة فإنّها عهدتان: كبرى من جهة الضّمان صغرى من جهة الأمد، وهو ثلاثة أيّام. فإن ضمان كلّ ما حدث بالعبد أو الأمة متعلّق بالبائع عمومًا، كان ذلك بأمر من الله سبحانه، أو باكتساب من النّاس.
والعهدة الثّانية صغرى من جهة الضّمان كبرى من جهة الأمد، وهي عهدة السنة. فإنّ البائع لا يضمن العبد أو الأمة إلَاّ من ثلاثة أدواء وهي الجنون والجذام والبرص.
واختلفت الرّواية عن مالك في دخول العهدة الصغرى في العهدة الكبرى من ناحية الأمد، هل تحسب السنة من يوم العقد، أو بعد انقضاء الثّلاثة أيّام؟ وسبب الاختلاف أنّ الأصول مبنيّة على دخول الأصغر في الأكبر كما نقول، فيمن بال ثمّ أجنب، فإنّ الوضوء الواجب عن البول ساقط عنه بدخوله في الغسل الواجب عن الجنابة. وكما نقول العمرة تدخل في عمل الحج لمن قرن الحجّ والعمرة، لمّا كانت جزءًا من أعمال الحجّ. وهذا مقتضى دخول الثّلاثة أيّام في السنة.
أو يقال بأن الضّمان المتعلّق بالثّلاث ضمان سائر الأمراض، وذهاب العين، والمتعلّق بعهدة السنة ضمان لأمور مخصوصة، كما قدّمناه. فلمّا اختلف تأثيرهما واختلف أمدهما، لم يتداخلا. ووجب أن تكون عهدة السنة، بعد ذهاب الأيّام الثّلاثة وبعد ذهاب أيّام الاستبراء فيما يجب فيه الاستبراء. لكن دخول الثّلاثة أيّام في أمد الاستبراء ثابت، لكون تأثير الأمرين لا يختلف. لأن عهدة الثّلاث تتضمّن الضّمان لكلّ نقص. فارتفع سبب الخلاف الّذي ذكرناه في دخول عهدة الثّلاث في عهدة السنة.