لكن ابن أبي زمنين ذكر معارضة في قوله: إنّ ما جني عليه في الثّلاث فأرشه للبائع، وللمشتري أن يردّه بعيب هذه الجناية، فإنّ الواجب في العبد المجنيّ عليه إيقافه حتّى يُطلَع على ما تنتهي إليه الجناية، ولا يقضي فيها قبل برئها.
والأمد الّذي ينتظر فيه برؤها مجهول، فيجب أن يفسخ هذا البيع، ويمنع المشتري من إمضائه، لأجل هذه الجهالة بأمر الوقف لانتظار البرء. إلَاّ أن يسقط عن الجاني هذه الجناية، فيصحّ للمشري الرّضى بهذا العيب، بشرط، أيضًا، أن تكون الجناية غير مهلكة، فإنّه لا يُمكَّن من إمضاء هذا البيع، ولو سقطت الجناية, لأنّه يكون كابتداء شراء عبد قد قارب الموت.
وهذا الّذي نبّه عليه ابن أبي زمنين من المعاوضة التّي وقعت لبعض أشياخه في هذه بأنّ رضا المشتري بإمضاء البيع مع هذا العيب يجب أن يمنع منه.
وما فعله هو أيضًا من فسخ البيع إلاّ أن يشترط الجناية، ولم يبلغ العبد إلى حالة لا يجوز عقد الشّراء فيها، إنّما يصحّ على إحدى الطّريقتين. وأمّا على الطّريقة الأخرى، وهي مذهب أصحاب مالك، في أنّ ما توجبه الأحكام في هذا بخلاف ما دخل فيه اختيارًا، وأنّ ما حدث بعد العقود من جهالة قد كانت مرتفعة في أصل العقد لا يمنع من التّمسك بالمبيع.
وقد ذكرنا في أوّل كتاب الرّدّ بالعيب مذهب ابن حبيب في أنّ استحقاق أكثر الثّياب المبيعة لا يمنع المشتري من التمسك بما لم يستحقّ، وإن كان مقداره في الثّمن مجهولًا، لمّا كان معلومًا في أصل العقد. فكذلك ما نحن فيه، بل هو أبعد من هذا, لأنّه قد تكون جناية قد برئت في الحال. أو وقفًا للإطلاق على الواجب فيها لا يمنع من كمال التّصرّف في المبيع والانتفاع به، فلا يكون لهذا الوقف تأثير في منع البيع.
والّذي ذكرناه ها هنا من إجراء هذه المسألة على الاختلاف في المحبوسة بالثّمن إنّما يتّضح إذا قلنا في بيع العهدة: إنّه منعقد.
وأمّا إن قلنا: إنّه موقوف على ذهاب أيّام العهدة، فإن ذهبت والمبيع