للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمن ضرب بسيف فأمنى أو لدغته عقرب فأمنى، فإن فيه قولان:

- أحدها أنه يغتسل.

- والثاني لا غسل عليه.

فوجه القول بأنه يغتسل عموم الظواهر، لأنه يسمى جنبًا على الحقيقة. فدخل في عموم قوله سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (١). وفي عموم قوله الماء من الماء (٢). ووجه القول ألا غسل عليه. أنه ماء خرج على غير الصفة المعتادة فلم يلزم فيه الغسل كدم الاستحاضة لما خرج على غير الصفة المعتادة لم يلزم فيه غسل. وتحمل الظواهر على خروج المني بلذة. لأنه المعتاد فيه. ويخص العموم بالعادة على قول بعض أهل الأصول. ومن هذا النمط اختلاف المذهب فيمن جامع ولم ينزل فاغتسل ثم أنزل، هل عليه الغسل أيضًا أم لا؟ وفيمن لاعب ثم أنزل بعد حين بغير لذة، هل عليه الغسل أيضًا أم لا؟ فقيل بإثبات الغسل. وقيل بنفيه. وتوجيه ذلك قد تقدم. ومن أصحابنا من فرق بين السؤالين فأثبت (٣) الغسل فيمن لم يتقدم له غسل. ونفاه فيمن تقدم له غسل. واعتل بأنه لا يغتسل من سبب واحد مرتين. وكأن (٤) الجماع والإنزال سبب واحد، اغتسل في خلاله فلم يلزمه إعادة الغسل. ولا معنى لهذه التفرقة. لأن المني الخارج بغير لذة لم يغتسل له، فيعتبر فيه ما قلناه من القولين. ويطرد في السؤالين. فإن قلنا بإثبات الغسل فهل يعيد ما تقدم من الصلاة؟ فيه قولان: أحدهما أنه لا يعيد وهو النظر عندي لأن الغسل إنما وجب لحدث حدث بعد الصلاة فلم يؤثر فيما كان قبله كسائر الأحداث المعتادة. وإن قلنا بنفي الغسل فهل يؤمر بأن يتوضأ؟ المذهب أنه يؤمر بذلك. وهل يؤمر به على جهة الوجوب أو الاستحباب؟.

اختلف البغداديون من أصحابنا فقال بعضهم يؤمر به على جهة الوجوب.


(١) سورة المائدة، الآية: ٦.
(٢) تقدم تخريجه قريبًا.
(٣) وأثبت -و-.
(٤) فكأن.

<<  <  ج: ص:  >  >>