للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم بل على جهة الاستحباب. والكلام على هذا كالكلام على وضوء المستحاضة. لأنه خرج على غير جهة الصحة، فلم يوجب الغسل. ولكنه يؤمر فيه بالوضوء، لما قدمناه من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المستحاضة بذلك. وقد مضى الكلام على ذلك.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: اختلف الناس في الغسل بمجرد الإيلاج. فذهب الأنصار رضي الله عنهم إلى أنه لا يجب الغسل بذلك. وذهب المهاجرون إلى أنه يجب. وأرسلوا أبا موسى لعائشة رضي الله عنها. فأخبرتهم بما يقتضي وجوب الغسل. فنقل عن جماعة منهم الرجوع إلى ما قالت، وبه قال فقهاء الأمصار. وأخذ داود وشيعته بالقول الأول. وقد اختلفت الأحاديث في ذلك فروي ما يدل على القول الأول كقوله: الماء من الماء (١). وروي ما يدل على القول الثاني كقوله: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل أنزل أم لم ينزل (٢). وكذا (٣) ظاهر القرآن تجاذبه الفئتان. فقال من نفى الغسل: الجنب هو من أنزل الماء. والظاهر ورد بالأمر بغسله فوجب قصر الحكم عليه. وقال من أثبت الغسل: الجنب مأخوذ


(١) سبق تخريجه.
(٢) روى مالك في الموطأ بسنده إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يوجب الغسل؟ فقالت: هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة؟ مثل الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها. إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل -علق عليه الزرقاني رواه أحمد والترمذي من وجه آخر عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ. وأخرجه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة وعن رافع بن خديج والشيرازي في الألقاب عن معاذ بن جبل كلهم مرفوعًا ج ١ ص ٨٥. ولفظ مسلم إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وفي رواية إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل. وفي رواية فقد وجب الغسل وأن لم ينزل- النووي ج ٤ ص ٣٨.
وهذه الروايات كلها لا تتحد مع النص الذي احتج به المازري والرواية الموافقة هي التي رواها الدارقطني في الإفراد عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل أنزل أو لم ينزل. الجامع الكبير ج ١ ص ٤٢٠.
(٣) كذلك -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>